قمة العشرين التي عقدت في جمهورية الصين يوم الاحد الماضي، لم تخلُّ من التوتر بين البلد المضيف والولايات المتحدة، مع ان مجموع القضايا المثارة امام القمة لا تستدعي توتير الاجواء بين قادتها. ولكن على ما يبدو ان الصين ارادت رد الاعتبار لمكانتها العالمية، وإرسال رسالة للرئيس اوباما وإدارته الاميركية بعدم التلاعب معها. وان منطق "السن بالسن والعين بالعين والبادي أظلم!"، هو الذي حكم القيادة الصينية في طريقة الاستقبال غير البروتوكولية، التي عكست عملا هادفا وعن سابق تصميم وإصرار، وكأن ما جرى ردا على طريقة الاستقبال الاميركية للقيادات العالمية خاصة الصينية، حيث يتعامل رجال المباحث الفيدرالية "FPI"  والمخابرات "CIA" في المطارات الاميركية بطريقة دونية وهمجية مع زعماء العالم دون إستثناء اولا لاظهار العظمة الاميركية؛ وثانيا لاستصغار شأن قادة الدول جميعا خاصة الاقطاب الكبيرة. 
وإذا عاد المرء لكيفية استقبال الرئيس اوباما في مطار هانغتشو، فإنه يلاحظ التالي: اولا تم إنزال الرئيس باراك اوباما من سلم الطوارئ، مع انه لا يوجد ضغط او ازدحام في المطار؛ ثانيا تم استقباله دون فرش السجادة الحمراء، التي تفرش لكل الضيوف، وكانت مفروشة للرؤساء، الذين سبقوا اوباما بالهبوط، الروسي بوتين ورئيس الوزراء الهندي مودي وغيرهم؛ ثالثا التلاسن مع سوزي رايس، مستشارة الرئيس للامن القومي، والصراخ بوجهها من قبل موظف في المطار، قائلا: هذه بلادنا وهذا مطارنا!"؛ رابعا الاساءة للصحفيين الاميركيين، المرافقين للرئيس لتغطية زيارته، وتعمد إهانتهم؛ خامسا عدم الاعتذار عما بدر من الموظف الصيني الرفيع. 
بعض المصادر الاعلامية اشارت إلى ان، عملية الاساءة للرئيس اوباما ووفده المرافق وصحفييه، لا تقتصر على طريقة الاستقبال في مطارات اميركا للزعماء العالميين، انما هناك قضايا أخرى ابعد من ذلك، لها عميق الصلة بمجموعة من العوامل، منها: اولا تضييق اميركا الخناق على الصين في مسألة الصراع بينها وبين دول جنوب شرق آسيا في بحر الصين، الذي اقامت عليه جزرا صناعية ومرافق من بينها مدرجات طيران؛ ثانيا تشجيع الولايات المتحدة الفلبين على طرح قضية التحكيم الدولي مع الصين؛ ثالثا فرض الضرائب العالية على البضائع والمواد المستوردة من الصين، والتي تنافس بقوة السلع الاميركية في عقر دارها؛ رابعا نصب اميركا لدرع صاروخية في كوريا الجنوبية مؤخرا موجهة للصين .. وغيرها من القضايا ذات الصلة بالصراع بين القطبين الصيني والاميركي. 
واكد الرئيس اوباما امام الصحفيين، ان ما جرى من مشاحنات بين المسؤولين الاميركيين والصينيين في مطار هانغتشو "تظهر الفجوة بين البلدين إزاء التعاطي مع حقوق الانسان وحرية الصحافة." لا سيما وان الصين تفرض قيودا شديدة على الصحافة، وتشدد من الرقابة على التغطية الاعلامية للقضايا، التي تمس امن وسلامة جمهورية الصين الشعبية.  
وبعيدا عن الاسباب الكامنة وراء الاستقبال غير الايجابي للرئيس الاميركي في مطار هانغتشو الصيني. فإن الصين، التي تقف على رأس ثاني اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة، ارادت ان تقول للادارة الاميركية، ان العالم تغير، ولم يعد بإمكان بلاد العم سام إدارة الظهر للتحولات الجارية في العالم. وأن مكانة اميركا الشمالية تتراجع عالميا. وعليها ادراك الحقائق بشكل جيد. وان مواصلة تدخلها في الشؤون الصينية ومحيطها الجغرافي أمر مرفوض، وغير مسموح به. وان باع الصين ايضا طويلة على كل الصعد والمستويات الاقليمية والدولية. ويمكن الافتراض ان ما جرى في المطار الصيني حافز للدول والاقطاب الاخرى بعدم خشية القطب الاميركي المثخن بالازمات الداخلية والخارجية. وبالتأكيد هناك رسائل اخرى منها على سبيل المثال لا الحصر، الدعم غير المباشر لكوريا الشمالية. 
مع ذلك لا يعتقد المرء، ان اميركا ستمرر الحادثة مرور الكرام، وقادم الايام سيكشف عن ردود فعل اميركية على الاساءة الصينية.