رفضت اسرائيل منذ اكثر من اربع عشرة عاما المبادرة العربية التي طرحتها العربية السعودية في قمة بيروت 2002 واقرتها القمة العربية ان ذاك ومازالت ترفضها بقوة بالرغم من الاغراءات التي تعرضها هذه المبادرة والتي من أهمها أن اسرائيل ستصبح قطر شقيق الا أن اسرائيل ما تريده الان وقبل هذا الوقت أن تصبح قطر صديق وشقيق تتكامل مع باقي دول العالم العربي اقتصاديا وامنيا دون انهاء الاحتلال الاسرائيلي وهذا ما تعمل عليه اليوم اجهزتها السياسية, والمثير ايضا في الرفض الإسرائيلي لتحقيق لسلام يلبي الحد الادنى من متطلبات الامن والاستقرار أن اسرائيل رفضت المبادرة الفرنسية للسلام والتي تسعي فيها فرنسا منذ فترة  لبلورة قاعدة دولية وجبهة حقيقية تضع حلولا منطقية عادلة لحل الصراع على اساس حل الدولتين وقد اطلقت فرنسا الخطوة العملية في هذا الاتجاه بعقد اللقاء التشاوري الدولي في باريس 3 يونيو الماضي وخصصت بعد ذلك اربع لجان للعمل على تهيئة الاجواء السياسية و الامنية والاقليمية والوضع على الارض وتقديم رزمة اغراءات اقتصادية للجانبين ومع ان ما تمخض عن اللقاء التشاوري كان مغريا نوعا ما لإسرائيل الا ان اسرائيل ما زالت ترفض و بشدة المبادرة الفرنسية واعلنت انها لن تحضر المؤتمر الدولي في باريس نهاية هذا العام . 
اليوم يخرج نتنياهو للإعلام ويصرح بأنه يقبل المبادرة المصرية التي طرح افكارها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل ثلاث شهور تقريبا والتي دعا فيها الى ضرورة حل الصراع وضرورة انهاء حالة الانقسام الفلسطيني بالتزامن ,وان القاهرة على استعداد لاستضافة ورعاية مفاوضات سلام بين الطرفين الإسرائيليين والفلسطينيين ,وفي نفس الوقت رعاية مصريه لحوارات فلسطينية لتوحيد الفلسطينيين ومساعدتهم استعادة وحدتهم الوطنية , نتنياهو فهم الشق الذي يتفق مع تصوره للسلام مع الفلسطينيين بانه يبدأ بمفاوضات مباشرة دون شروط وهذا ما صرح به اكثر من مرة بانه على استعداد الدخول في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين اينما يريدوا ,وقال معلقا على المبادرة الفرنسية وقبول الفلسطينيين بها وليس غيرها من افكار "ان مكتبه في القدس اقرب من باريس فما على ابو مازن الا التوجه الى هناك للتفاوض مباشرة لحل الصراع وبحث القضايا التي من شانها ان تحقق الاستقرار" , لقد اثبت تصور نتنياهو الضيق لحل الصراع غطرسته وعنجهيته كزعيم للمستوطنين واليهود المتطرفين وانه زعيم كبير سيحقق لهم دولتهم اليهودية باعتراف عربي وفلسطيني و دولي و يحقق لهم الامن و الاستقرار الابدي في تلك الدولة . 
لم تطلق مصر مبادرة ولم تحدد مصر بنودا لهذه المبادرة ,ما جاء مجرد افكار لحل الصراع اساسها المبادرات العربية والفرنسية وكل هذه الافكار تصب في دعم مصر للجهد الفرنسي وهذا ما صرح به السيد سامح شكري وزير خارجيتها بعد فترة فقد اكد امام وزراء الخارجية العرب في مجلس جامعة الدول العربية ان مصر تدعم بالكامل توجه الرئيس ابو مازن نحو المبادرة الفرنسية وان مصر تنسق مع فرنسا في كافة الجوانب , ولعل السر الحقيقي وراء عودة نتنياهو للتصريح بانه يقبل المبادرة المصرية مجازا انه يخشي الحلول الدولية التي تؤمن بحل الدولتين و قيام دولة فلستينين على اساس المرجعيات الشرعية مبادرة السلام العربية و يؤكد هذا ان نتنياهو لا يعترف ولا يؤمن بهذا الحل تحت أي ظرف كان ويريد ان يجد ملاذا امناَ لتطرفه على اقتناع ان مصر قد تقبل باستضافة أي مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين دون شروط وخارج التوجه الدولي وبعيدا عن قرارات مؤتمر باريس القادم و توصياته .
اليوم هناك رشح لبعض الاخبار مصدرها موثوقة ان جون كيري طرح لقاء ثلاثيا في مصر يجمع نتنياهو ابو مازن وبعض وزراء الخارجية العرب والاجانب كمحاولة من واشنطن لأضعاف التحرك الفرنسي والتشويش على المؤتمر الدولي ليكون تحت مستوي الرؤساء و بالتالي لا يحقق حلولا منطقية للفلسطينيين ولا تكون ملزمة لإسرائيل , وهذا دليل على ان واشنطن ايضا لا تريد مبادرة السلام العربية ولا تريد المبادرة الفرنسية بالرغم من الاختلافات الشكلية بين الادارة الامريكية واسرائيل , لعل كل ذلك يأتي في اطار تهيئة مدخل مناسب لان تصبح اسرائيل طرفا هاما بالنظام الاقليمي الجديد الذي تسعي مصر الى تشكيله وما تصريحات نتنياهو ومقترحات كيري الا لمساعدة اسرائيل في خطة هروب تكتيكي نحو منطقة تبعدها كثيرا عن أي حلول دولية يرتئي العالم انها قادرة على انهاء الصراع الطويل ,ويبعده عن الضغط الدولي الذي يهدف الى تطبيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 كحل امثل , و هنا يتضح جليا ان اقتراح كيري يأتي في سبيل اللعب على وتر سحب الرعاية الامريكية على العملية السلمية وبالتالي تتوافق امريكا واسرائيل على ذات الهدف ’ فهل تنجح واشنطن واسرائيل في هذه المساعي او مساعي اخري للتقليل من اهمية السعي الفرنسي اتجاه مؤتمر السلام القادم في باريس.