للمشاركة في الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في الثامن من تشرين المقبل، ترفع حركة فتح شعار "ذاهبون للانتخابات، ذاهبون للفوز" في إشارة منها لرغبة الحركة لاستعادة دورها، وحجم تمثيلها، الذي تم المس به منذ الانتخابات التشريعية في العام 2006.
الانتخابات المقبلة في ظل مشاركة حركة حماس، المنافس اللدود لحركة فتح، ودخول حركة الجهاد الإسلامي كلاعب جديد في العملية الانتخابية، التي قد تحدث مفاجأة في النتائج، كونها حديثة المشاركة، التي قد تستفيد من رغبة المزاج الشعبي باستطلاع هذا الوجه الجديد الذي لم يسبق له الظهور العلني في المؤسسات العامة، كلها تحتاج لأكثر من مجرد اختيار شعار جميل، لطرحه للشارع ليستقطب أصواته، حيث إن الفوز والانتصار لا يتحقق فقط بالتمني، بل يجب ان يسبقه الفعل المنظم، ولنا من قصة الرسول الكريم عبرة، فيما قاله للمرأة التي كانت تذهب بناقتها المصابة بالجرب، الى المسجد، كل صباح، لتدعو الله أن يشفيها، فكانت نصيحته لها، بان قال: " يا أمة الله، كثير من الدعاء، وقليل من القطران".
اثنان وسبعون يوما هي المتبقية للموعد المقرر لإجراء الانتخابات، ما يجعل المسؤولية كبيرة لاستنهاض الهمم، وبث روح الأمل واستعادة روح المسؤولية تجاه المجتمع المحلي، وهذا ما يحتاج ان يكون هناك حياة تنظيمية رتيبة، سواء داخل الحركة أو فيما يتعلق بالعلاقة مع الشارع، بما يمكنها من التعامل مع تجربة، ليس من السهل ان تكون نتيجتها الفشل.
نموذج حركة فتح، وما تمر به لا يختلف كثيرا عن حال باقي الفصائل والأحزاب التي ستخوض العملية الانتخابية، سواء فيما يتعلق بالحياة التنظيمية الداخلية أو بالعلاقة مع الشارع، لكن الخصوصية لحركة فتح، والمأمول منها، يجعلها محط أنظار الشارع، لطبيعة الدور المنوط بها، ولما تمثل في خارطة العمل الوطني، وقيادة المشروع، وهذا ما يجعل المسؤولية عليها اكبر، والتطلعات لنوعية مخرجات أفضل لمشاركتها أفضل.
وغير خاف على احد، أن المأزق الذي تمر به قضيتنا، وصراعنا مع الاحتلال، يستدعي تغييرا جذريا في إدارة الحالة، ومنهجية العمل، بدءا من تنظيم البيت الداخلي الفتحاوي، وانتهاء بهندسة العلاقة مع باقي الشركاء من الحركة الوطنية والمجتمع عموما، كما يستلزم تغييرا في منهجية الاختيار للمرشحين، والإصغاء الجيد "لتمتمات الشارع وإشاراته" وتحليلها وفهمها، بما يحقق الأخذ بتوجهاته أو توجيهها، وكذلك الخروج من حالة مخاطبة الذات، أو الاكتفاء بتوصيات النخب.
كما ان النزول للشارع، والانسجام ونبضه، بغية التعرف على توجهاته، وقراءة مزاجه، وفهمه، هو واجب على كل من يريد أن يحظى بثقة الشارع، وغير ذلك سيخلق حالة من الاغتراب الأمر الذي ستكون نتيجته طيران المرشحين اضطراريا، مثلما تم إسقاطهم عبر المظلات.
ولعل من الأهمية بمكان، ونحن مقبلون على خوض الانتخابات البلدية القادمة، ان نكون قد استفدنا من التجارب السابقة، للتعرف على مواطن الخلل، تجنبا لتكرارها، واستدعينا ما هو ايجابي، وما كان يمكن أن يساعد على النجاح، ولكن تم إغفالها في حينه، بالظن أنها غير مجدية، فأدرنا الظهر لها، وكانت الخسارة.
وعلى صعيد الخطاب الموجه للجمهور، فإن الحاجة ملحة لأن يكون خطابا واقعياً، يتضمن برنامجا يحمل للتنمية للمجتمع المحلي، ويرتقي بالخدمات لسكانه، بعيدا عن الشعارات السياسية، التي عادة ما تبدأ بتحرير فلسطين وعودة اللاجئين، وتنتهي بإقامة الدولة، فالسياسة لها أهلها، ولها مكانها.
ان ما سبق، وقد يعتقد البعض انه جلد، لكنه في الحقيقة دعوة للنظر بعدسة مكبرة، ترى كل مكونات المشهد، بشكل أوضح، وتنتبه لكثير من التفاصيل الواجب أخذها بعين الاعتبار، إذا ما أردنا فعلا فوزا، يصنعه الشارع كمطلب له، لا أمرا عليه، بعدما يصل الى قناعة بمن هو قادر على إحداث التنمية، بدلا من الدخول الى نفق المجهول والخراب.
ورغم أهمية الجهد المطلوب والتحضير للمنافسة القادمة، وأهمية التفاصيل الفنية، إلا أن الأولوية تبقى لإنهاء الانقسام، خشية أن تشكل الانتخابات القادمة فصلا جديدا من الانقسام، بدلا من أن تكون خطوة نحو المصالحة، ولا سيما إذا استعصى التسليم بنتائجها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها