ما ان تقترب من منزلها البسيط جنوب مدينة غزة، حتى تشتم روائح الأكلات المختفلة، وجبات متنوعة شرقية وغربية، طيّبة الطعم والمظهر، مألوفة لدى الجميع، تُحضّرها السيدة "صابرين سنونو" منذ بداية الصباح، داخل مطبخ منزلها الخاص، تلبيةً لطلبات عشرات الزبائن المُنتظرين منذ ساعات وأيام.
"مطبخنا غير" فكرة جديدة كلياً على سيدات البيوت بغزة، نفذتها الشيف صابرين بأدوات مطبخها البسيطة بمهارة عالية، تحولت سريعاً الى مشروع عملي ملموس، أصبح يساعد عائلتها اقتصاديا، ويُشكل دخلا مساعداً.
تقول سنونو (38 عاماً): "الفكرة انطلقت من الموهبة في اتقان الطبخ، والحاجة لتحسن الوضع المادي للأسرة، خاصة بعد قصف منزلنا في الحرب الأخيرة عام 2014، وتردي الأوضاع الاقتصادية في ظل الحاجة المتزايدة لمتطلبات الأسرة المكونة من 6 أفراد، اثنان منهم يدرسون في الجامعات"، مشيرةً الى أنها تسكن مع أسرتها في بيت مستأجر.
الشيف صابرين تعمل على انتقاء المكوّنات الأساسيّة في عمليّات الطهو المميزة بأسعار مقبولة لمحبي المأكولات المنزلية الصحية المألوفة، مثل "المقلوبة، المفتول، الكبسة، الفطائر، المحاشي، المسخّن، الأسماك، المعجّنات بأنواعها، والسماقية الغزاوية، الكُبة"، اضافة لتحضير الحلويّات بأنواعها.
المشروع المنزلي بدأ فعلياً، عندما قررت الشيف صابرين سنونو انشاء صفحة خاصة باسم "مطبخنا غير" بهدف التفاعل مع زبائنها واستقبال الطلبات الكترونياً، حيث تجاوز متابعين صفحتها أكثر من ألفين متابع خلال بضع اسابيع، ومن المؤكد أن موقع "فيسبوك" كان له الأثر الكبير في نجاح مشروعها البسيط، الى جانب تلقيها التشجيع والدعم والمساعدة اللازمة من زوجها وأبنائها منذ بداية المشروع.
عشرات الطلبات على المأكولات المتنوعة أصبحت تتلقاها صابرين أسبوعيا على صفحتها التي يُديرها نجلها محمود، الأمر الذي دفعها لتقسيم كافة الأصناف على أيام الأسبوع، فضلاً عن تمكنها من تغطية بعض طلبات المؤسسات والمناسبات حتى وان كانت بكميات كبيرة.
وعن رأي الناس، تقول: "جميع من تذوق أكلات مطبخنا أعجب ورحب بطعمها وشكلها ونظافتها، اضافة لترحيبهم بأسعارها المعقولة، وهذا أهم أسباب نجاحنا"، فمن أهم اسرار اتقان الطبخ هو "النَفَس الطيّب" لمُعد الطعام.
وتشير الشيف سنونو الى أن أهم الأكلات التي تميز عملهم هو "ورق العنب" حيث جميع من تذوقه سارع لطلبها مجدداً، اضافة لنوع من الحلويات يُسمى "قدرة قادر" والتي تخرج يومياً من مطبخ منزلها المتواضع.
نجاح فكرتها بدا واضحاً لنا، فبالكاد تمكنا من مقابلتها لإجراء تقريرنا هذا؛ بعد قرابة 10 أيام من التواصل معها، وذلك نتيجة لضيق وقتها في ظل الضغط الكبير الذي تتعرض له لإنهاء أعمالها الخارجية والأسرية المنزلية.
وعن المعيقات في عملها، تؤكد أن الكهرباء واستمرار انقطاعها أهم الصعوبات التي تواجهها، اضافة لاعتمادها حاليا على إمكانيات وأجهزة البيت المتواضعة جداً رغم تزايد الطلبات الأمر الذي يشكل عبئاً وضغطاً اضافياً عليها، متمنيةً من المؤسسات المختصة بدعم المشاريع النسوية توفير الأجهزة اللازمة حتى تستطيع تلبيتها جميعاً.
وتطمح صابرين لتطوير وتوسيع مشروعها خلال الفترة المقبلة عبر تخصيص مطبخ مستقل يحتوي على مزيد من الأجهزة والأدوات اللازمة، في ظل عدم ملائمة منزلها لتوسيع العمل، مما يساهم في تحسين دخل نّساء أخريات يعملن في مكان خاص.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها