تزيّن "دوار الساعة" وسط رام الله باللوحات الفنيّة التشكيلية، التي صوّرت كل واحدة منها جانباً من قرية مهجّرة، على يد العصابات الصهيونية عام 1948.

لوحات تتزايد كلمّا ازحت عينك يميناً ويساراً، تحفّها الاعلام الفلسطينية، وفي جانب كل لوحة فنّان حدّق النظر بالتفاصيل، وروى لنا بألوانه طيف الحياة هناك.

يطغى اللون الأخضر على لوحة "لفتا" قضاء القدس المحتلة، تنتصب بجانبها فتاة اسمها غدير حمودة، الفنانة اللاجئة، سردت لنا معالم قريتها بريشتها الناعمة. لفتا لها "عين مياه" باردة وعذبة، تتوسط القرية وتصب في بركتين، وتستظل عين الماء بشجرة توت كبيرة.

القرية خلت من سكانها واندرجت ضمن القرى المهجرة، لكنها صاحبةُ اراضٍ شاسعة، بها "جناين لفتا" المزروعة بأشجار الليمون والزيتون والرمان، كانت معروفة باهميتها الجغرافية والاقتصادية قبل النكبة.

قالت غدير انها تقيم في رام الله، لديها هواية الرسم منذ نعومة اظافرها، تعبّر عن شوقها لقريتها من خلال المشاركة بلوحتها الفنّية، "اللوحة كأنه رسمتها مش بايدي، كأني بروحي رسمتها".

واضافت: رسمت جزء من البلد، وتظهر في اللوحة  مجموعة بيوت التي يحفها العشب الاخضر، دلالة على الحياة فيها والأمل بالعودة لها، كما يظهر فيها انسان يمشى على الطريق في اشارة الى الروح التي تسكنها".

ولم تستطع اقدام غدير ان تهبط في قريتها بسبب حصار الاحتلال الاسرائيلي لها، وما يزيد في قلبها لوعة أنها استطاعت رؤيتها من خلف الاسلاك والجدار، فالمشاهد التي لقطتها عيناها انحفرت في ذاكرتها وانكبّت الواناً على لوحتها.

"اربعون لاجئاً رسموا قراهم بأرواحهم"

غدير واحدة من اربعين فنان وفنّانة يقفون جانب لوحات قراهم، فهم لاجئون رسموا الفالوجة وعين كارم وبيت جبرين والمالحة، يحملون رسالة ملخصها أنهم الجيل الرابع للنكبة، مستمرون في المقاومة عن حقهم مهما طالت الهجرة والزمان.

أفاد يوسف نصّار، رئيس جمعية ابناء كنعان لحفظ التراث، والتي جمّعت الفنانين التشكيليين من كافة المحافظات الفلسطينية، وعددهم يصل الى 100 فنان وفنانة، يجوبون الشوارع والميادين لترسيخ الحق ولكي لا ينسى الفلسطينيين اسماء عشرات القرى، حيث يمنع الاحتلال الوصول اليها.

الفعاليات حملت اسم "ريشتي ارسم عودتي"، تعيد في الذاكرة قوّة الفنان الفلسطيني الذي ناضل من خلالها، كما ناضل ناجي العلي بريشته، وغسان كنفاني بقلمة، وماجد ابو شرار بفكره، واخرون.