لا يمر اسبوع  دون ازمة، تدخلنا بها حركة حماس مع القاهرة، ليدفع عموم الفلسطينيين الفاتورة، ويظهر الكل الفلسطيني بأنه على عداء مع المصريين، والحقيقة غير ذلك.

فمنذ تقلد الاخوان المسلمين للحكم في مصر، بعد فوز محمد مرسي في انتخابات الرئاسة في حزيران 2012، اعلنت حماس ولاءها المطلق للاخوان المسلمين، بشكل علني، بعد ان حشدت انصارها في ساحات غزة، وليتلوا عليهم مشايخها قسم الولاء، وهم يرددون من خلفه، "اعاهد الله، على التمسك بدعوة الاخوان المسلمين، والجهاد في سبيلها، والقيام بشرائط عضويتها، والثقة التامة بقيادتها والسمع والطاعة  للمنشط والمكره واقسم بالله على ذلك، وابايع عليه".

قَسمٌ، لم يكن يحتاج من النقاش الوقت الطويل لبيان وجهة الولاء، وصاحب الطاعة، لكن الملفت كان سرعان ما تم تغطيته، بل ودفنه احيانا، معتقدين ان ذاكرتنا كذاكرة السمك.

ومنذ سقوط حكم الاخوان في مصر في حزيران 2013، واظهار التحقيقات المصرية لضلوع  افراد من حماس في عمليات ضد الجيش المصري، وآخرها قضية النائب العام المستشار هشام بركات، لم يرتاح اهلنا في قطاع غزة بسبب مواقف حركة حماس من الجمهورية المصرية، التي وصلت الى حد كسر العظم بسبب مواقف الحركة، التي لم تقل عن التخوين، ولم تقل عن التكفير، والدعوة الى استعادة حكم الاخوان، والاصرار على ان محمد مرسي ما زال هو الرئيس الشرعي لمصر.

وليس ادل من مشهد اللافتات الكبيرة التي ظهرت على جدران البنايات في غزة، وهي  تحمل صور ادوغان ومرسي وشيخ قطر، ونصر الله، وصور مرسي في باحات الاقصى التي رفعها انصار حماس، كانت دلالة واضحة على التحالف الذي يجمع الاخونجية ومن يدفع لهم، ودلالة على ان الولاء كما ورد في قسمهم ليس لفلسطين بل لافكارهم.

 اليوم والجولات المكوكية لقيادة حماس بين غزة والقاهرة، لم تتوقف  منذ مطلع اذار، لتنقية الاجواء، ولتقديم العروض، لـ"عربون محبة"، منها التعاون الامني لمواجهة الحركات المتطرفة، وحماية الحدود على جبهة سيناء، وضمان عدم اختراقها من قبل المتطرفين، مقابل السعي لاستعادة المفقودين الاربعة من حركة حماس، وفتح معبر رفح، وتعزيز الهدنة مع  اسرائيل، وتحريك ملف تبادل الاسرى، وتحسين الواقع المعيشي في القطاع، كما قال عن بعضها احمد يوسف، الذي كان يشغل موقع  مسؤول العلاقات الخارجية لسلطة حماس، إضافة لعمله مستشارا سياسيا لاسماعيل هنية، وهاجمته الحركة على تصريحه، واعتبرته لا يمثل الا نفسه. 

عرض حماية الحدود بين غزة وسيناء، اقتراحا ليس جديدا، فقد  سبق وحمله اسماعيل هنية لمحمد مرسي  في تموز 2012،  عندما حملته طائرة خاصة من مطار العريش مع وفد ضم اعضاء من حكومته، ونواب ورجال اعمال لتهنئة مرسي، وقال هنية في حينها، "مستعدون  ان نكون جزءا من الامن المصري لضبط الاوضاع في  شبه جزيرة سيناء". الامر الذي كان ولا زال مستغربا، حيث ان الحدود تحميها جيوش الدول، وباتفاقات  بينها، وليس بين حركة ودولة، ولا سيما اذا ما كان الحديث عن دولة بحجم مصر، التي يحتل جيشها المرتبة الاولى عربيا وافريقيا، والمرتبة الثامنة عشرة على مستوى العالم.

حماس التي كانت ناشزا منذ حزيران 2013، تبذل اليوم جهودا مضنية لتدخل في بيت الطاعة المصري، لضمان دخولها وخروجها للعالم الخارجي، كون معبر رفح هو المتنفس الوحيد لقطاع غزة، وجاهزة ايضا لدفع اي ثمن لضمان تلك الحركة، وذلك ليس لكونها تؤمن بثقافة الجيرة، واحترام الحدود، ولو كان ذلك صحيحا ما كان ليحدث ما حدث.

ان ضنك العيش لاهلنا في قطاع غزة، والحصار الذي يخنقهم منذ ما يقارب العشرة سنوات، واقامة الالاف اما في العراء او كرفانات مهينة، واستغلال اسرائيل لحالة الانقسام وطعنها في مشروعية التمثيل الفلسطيني، يجعل حماس اليوم مطالبة بالعودة  لبيت الطاعة الفلسطيني، بدلا من حرج طلب الاقامة في بيت الجيران، كون بيت الاهل أولى وأحق.