قال الأمين العام للجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة "الإيسيسكو" دوّاس دوّاس، إن الإنجازات والمقدرات الثقافية والعلمية والتربوية الفلسطينية تدمرت تحت آلة الحرب والقصف الإسرائيلية واعتداءات المستعمرين المستمرة، نتيجة العدوان على قطاع غزة وعموم الأرض الفلسطينية.
وأضاف دوّاس في مستهل كلمته خلال أعمال الاجتماع العاشر للجان الوطنية لدول العالم في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" الذي عُقد بالعاصمة الفرنسية باريس: "إننا في دولة فلسطين كنا قد أعددنا لكم عرضا تفصيليا لأهم المبادرات والإنجازات التي حققتها فلسطين في مجالات التربية والثقافة والعلوم، وما تم إنجازه في مجال تنفيذ أهداف منظمة "اليونسكو" على الصعيد الوطني، لكن هذا العرض الذي بين أيديكم الآن أصبح منفصلا عن الواقع، لأن الإنجازات والمبادرات المذكورة أصبحت بعد 31 يوما من الحرب على الشعب الفلسطيني تحت ركام الدمار الشامل، جراء القصف الإسرائيلي على غزة وفي ظل الهجمات الإرهابية التي يشنها المستعمرون والجيش الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية".
وأشار إلى أن الأرقام التي تبثها الأخبار حول العالم عن الضحايا والخسائر الفلسطينية جراء العدوان على الشعب الفلسطيني، والتي باتت تشغل نشرات الأخبار وعناوين الصحف والمجلات، بطريقة جافة لا تحمل أي مشاعر ولا تعكس الحجم الحقيقي للمأساة، خصوصاً مع التكرار الذي جعل الأمر يبدو وكأنه مألوف للمتابع مع الأسف! إذ اختُزلت المأساة بمجرد أرقام فقط، يسمعها الجمهور دون أن تؤثر فيه، لأن شهداءنا ليسوا مجرد أرقام بل أشخاصا وأحلاما وتجارب.
وبين أنه وفقاً للأرقام الأولية التي تتغير وتزداد كل دقيقة في ظل استمرار الحرب والعدوان ومن الذين ما زالوا تحت الركام، فقد أدى القصف العنيف والقذائف إلى مقتل أكثر من 2500 طالب منهم على سبيل المثال لا الحصر الشـهيدة الطالبـة الشـيماء أكـرم صيـدم وهي الأولـى علـى فلسـطين في الثانويـة العامـة/ الفـرع الأدبي لعـام 2023 بمعـدل 99.6% والتـي راحـت ضحيـة القصـف الإسـرائيلي لمنزلهـا في غـزة، و3500 طفل، و120 معلما في المدارس، إضافة إلى تدمير وإلحاق أضرار بأكثر من 200 مدرسة. وأضاف، أكثر من 600 ألف طالب لم ولن يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة ومتابعة حقهم الأساسي في التعليم، وبلغ عدد الشهداء من أسرة التعليم العالي في فلسطين، 439 شهيداً منهم 427 طالباً و12 موظفاً، 85% منهم في قطاع غزة.
وبلغ عدد مباني التعليم العالي التي تضررت بشكل كامل أو بشكل جزئي 9 مباني في قطاع غزة ومبنيين في الضفة الغربية، وتعطلت العملية التعليمية برمتها في 19 مؤسسة تعليم عالٍ قي قطاع غزة، ما أدى إلى حرمان أكثر من 88 ألف طالبة وطالب من تلقي تعليمهم حتى يومنا الحالي، بالإضافة إلى تدمير الجامعة الإسلامية في قطاع غزة التي تستضيف كرسي "اليونسكو" لعلوم الفلك والفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء وغيرها من الانتهاكات التي وردت بالتفصيل في تقرير اللجنة الوطنية الفلسطينية من تدمير للكنائس والمساجد والمكتبات والمتاحف الأثرية والتراث الإنساني في غزة، كما قتل الاحتلال خلال الحرب 38 صحفيا واستهدفت صواريخ الاحتلال في قطاع غزة عدداً من الفنانين والمثقفين والكتّاب والشعراء الفلسطينيين، بينما اعتقلت عدداً منهم في الضفة الغربية.
وأضاف دوّاس: "لقد قدّمت فلسطين منذ انضمامها إلى اليونسكو في عام 2011، نموذجاً قوياً للعمل والتفاني في تحقيق أهداف "اليونسكو"، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها بفعل الاحتلال الإسرائيلي، ومن أحد أهم الجوانب التي قدمتها فلسطين كنموذج هو التركيز الشديد على تحسين التعليم، إذ يمثّل التعليم الجيد والوصول العادل إلى التعليم أحد أهم أهداف المنظمة، وقد عملت فلسطين على تعزيز جودة التعليم وتحسين البنية التحتية المدرسية، كما تم التركيز على تطوير المناهج التعليمية لتشمل مفاهيم السلام وحقوق الإنسان والتعددية الثقافية".
وتطرق إلى ما عملت عليه مؤسسات دولة فلسطين للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، إذ قامت بجهود كبيرة للحفاظ على المواقع الأثرية والثقافية والترويج للسياحة الثقافية، وهو جانب يدعم أيضاً أهداف "اليونسكو" في الحفاظ على التراث الثقافي للإنسانية، وفيما يتعلق بالعلم والبحث العلمي، فقد قامت فلسطين بزيادة الاستثمار في المجالات البحثية وتشجيع الابتكار والتقنية، وتم إنشاء مراكز بحثية ومختبرات علمية لتعزيز البحث العلمي وتبادل المعرفة والخبرات مع الجامعات والمؤسسات العلمية العالمية.
وأكد دوّاس أن النموذج الذي قدمته فلسطين منذ انضمامها إلى اليونسكو يظهر التزامها الثابت بتحقيق أهداف التعليم والثقافة والعلم، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، وهو شيء يستحق الدعم الدولي.
وناشد بالتدخل العاجل، وطالب "اليونسكو" بالاضطلاع بمسؤولياتها في حماية المنظومة التربوية والتراث الإنساني بغزة وكل الأرض الفلسطينية، بما يتضمنه ذلك من رصد جميع الإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية ضمن اختصاصات المنظمة، وإرسال بعثة الرصد التفاعلي من منظمة "اليونسكو" إلى غزة والقدس وكل الأرض الفلسطينية لرصد جميع الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل- القوة القائمة بالاحتلال- بموجب القانون الدولي.
ودعا إلى إعلان برنامج دولي لإغاثة المقدرات والمؤسسات التعليمية الفلسطينية وحمايتها وفقا لما أصدرته المنظمة من برامج كبيرة وهامة في العديد من الدول التي تعرضت لنكبات وحروب، لإنقاذ مقدراتها الثقافية وإغاثة مؤسساتها التعليمية والعلمية، مشيرا إلى الحاجة إلى دعم المجتمع الدولي والتصدي للظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، حتى نتمكن جميعاً من تحقيق أهداف "اليونسكو" وضمان تحقيق التنمية المستدامة والعدالة للجميع.
وأشار دوّاس إلى أن دولة فلسطين رغم كل هذه التحديات التي تستهدف المقدرات الثقافية والعلمية والتربوية الفلسطينية، ستواصل العمل مع "اليونسكو"، ودعا الدول الأعضاء إلى دعم مشروع القرار الذي سيقدم إلى المؤتمر العام حول غزة- فلسطين، والذي سيعمل على خلق آلية تنفيذية لدعم القطاعات التربوية والثقافية والعلمية الفلسطينية في ضوء ما تتعرض له من عدوان ودمار، كما دعا إلى دعم ترشح فلسطين لعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة، إذ إن فلسطين رغم كل ما تواجهه من تحديات، تستطيع أن تكون جزءا من المجتمع الدولي، وتطل بما لديها من مقدرات ثقافية وتربوية وعلمية على العالم.
ويأتي هذا الاجتماع ضمن المشاركة في اجتماعات المؤتمر العام لمنظمة "اليونسكو" في دورته الـ42، والتي تُعقد ما بين 7-22 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري بالعاصمة الفرنسية باريس، بمشاركة وفد رسمي من مؤسسات الاختصاص برئاسة وزير الخارجية وشؤون المغتربين رياض المالكي، وبمشاركة وزارة السياحة والآثار، ووزارة الثقافة، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، ومندوبية فلسطين لدى "اليونسكو".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها