يتضح من خطة عملت عليها وزارة المعارف الإسرائيلية، منذ عدة أسابيع، أن الوزارة تشترط انتقال مدارس القدس المحتلة إلى المنهاج الإسرائيلي من أجل الحصول على ميزانيات، وأن المدرسة التي تختار الاستمرار في التدريس بموجب المنهاج الفلسطيني، المتبع في غالبية المدارس، لن تحصل على هذه الميزانيات.
وفي حين رفضت وزارة المعارف التعقيب، قال أحد المطلعين على تفاصيل الخطة إنه "بعد تمييز استمر لسنوات طويلة ضد التعليم في القدس المحتلة، فإن وزارة المعارف تطلب من المدارس تبني مضامين إسرائيلية كشرط للحصول على موارد، وهو أمر غير مشروع من الناحية التربوية والسياسية والأخلاقية".
تجدر الإشارة إلى أنه منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو، في العام 1993، فإن غالبية مدارس القدس تدرس بحسب المنهاج الفلسطيني، و 8 مدارس فقط من بين نحو 180 مدرسة تدرس بموجب المنهاج الإسرائيلي.
في المقابل، يتضح من معطيات بلدية الاحتلال في القدس أنه حصل ارتفاع في السنوات الأخيرة في عدد الطلاب الذين يتقدمون لامتحانات الثانوية "البجروت"، بدل "التوجيهي"، حيث وصل العام الماضي إلى 1900 طالب، ويتوقع أن يصل إلى 2200 طالب في العام الحالي.
وبحسب الخطة، التي وصلت إلى صحيفة "هآرتس"، فإنها تهدف إلى تمكين مؤسسات قائمة تدرس بموجب المنهاج الإسرائيلي أو المؤسسات التي فيها مسار تعليمي بحسب المنهاج الإسرائيلي، وتشجيع مؤسسات أخرى على الدخول إلى المنهاج الإسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أن وزير المعارف، نفتالي بينيت، كان قد صرح للقناة التلفزيونية العاشرة، هذا الأسبوع، أنه معني بدعم كل مدرسة تختار المنهاج الإسرائيلي لأنه يريد الدفع بعملية الأسرلة.
وتتضمن الخطة زيادة ساعات تعليمية لكل مدرسة تنتقل إلى المنهاج الإسرائيلي بشكل تام أو بشكل جزئي. كما تتضمن الخطة زيادة في ساعات الاستشارة والإثراء في الموسيقى والفن ودورات استكمال للمعلمين.
وبحسب مصادر في وزارة المعارف إن المدارس التي لا تنتقل إلى المنهاج الإسرائيلي لن تحصل على زيادة في الميزانيات.
إلى ذلك، وإضافة إلى ارتفاع عدد الطلاب المتقدمين لامتحانات البجروت، فإن هناك زيادة في عدد المعاهد التي تقدم دورات تحضير لامتحان البسيخومتري. كما أنه في السنة الدراسة الأخيرة تم، للمرة الأولى، فتح سنة تحضيرية للطلاب الفلسطينيين المقدسيين.
في المقابل، تؤكد لجان الآباء في القدس أن وزارة المعارف وبلدية الاحتلال تمارسان ضغوطا شديدة بهدف الانتقال إلى المنهاج الإسرائيلي خلافا لرغبة المقدسيين، وخلافا للاتفاقيات بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال أحد المطلعين على الخطة إنها تقر بعدم وجود مساواة بين شرقي القدس وغربها، ولكنها تضع شروطا من أجل تسوية هذا الوضع، مضيفا أنه لا رغبة حقيقة في الاستثمار في القدس المحتلة، ولا في بناء غرف دراسية أو تطوير التعليم. وأنه إذا كانت المشكلة هي اللغة فيمكن حلها من خلال زيادة الحصص التعليمية وليس تغيير المنهاج كله.
وفي السياق ذاته، يتضح أن التمييز المتواصل ضد مدارس القدس المحتلة أدى إلى نقص شديد في الغرف الدراسية، بحيث أنه في العام 2011 أصدرت المحكمة العليا قرارا يلزم وزارة المعارف وبلدية الاحتلال بتوفير البنى التحتية المطلوبة خلال السنوات الخمس التالية بما يتيح استيعاب كافة الطلاب. ورغم أن الخطة تنتهي في الأيام القريبة، إلا أنه يتضح أن سلطات الاحتلال لم تقم بما هو مطلوب منها، وبالتالي ستضطر إلى التوصل إلى تسوية مالية مع المدارس الخاصة لتغطية أقساط التعليم لطلاب لم يتم استيعابهم في المدارس الرسمية.
وبحسب التقرير الأخير لجمعية "عير عميم" فإن النقص في عدد الغرف الدراسية في القدس يصل اليوم إلى 2247 غرفة، مقارنة بـ 1500 غرفة في العام 2007. بينما تدعي بلدية الاحتلال أنه ينقص 1600 غرفة دراسية، علما أنه في السنوات الخمس الأخيرة تم بناء نحو 35 غرفة دراسية سنويا، وهو أبعد ما يكون عن اللحاق بوتيرة الزيادة الطبيعية السكانية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها