اوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية اليوم تصريح لاحد قادة إسرائيل، معلقا على تحلل القيادة الفلسطينية من تبعات إتفاقيات اوسلو، ومعقبا على ما يشاع عن "تهديد الرئيس عباس بالاستقالة"، فادعى، ان "النتائج لن تكون في صالح الفلسطينيين" وان التنسيق "لصالحهم". واضاف مشككا بتهديد ابو مازن بالاستقالة، قائلا، "كل مرة يصطدم الفلسطينيون بالاحباط، يهددوا بالقاء انفسهم من اعلى الجرف". وتابع "لكنهم لن يفعلوا". الاستنتاج الاسرائيلي، لا يقتصر على النخب الاسرائيلية، بل يشمل العديد من كتاب الرأي في الساحة الفلسطينية والعربية والدولية. لكن إستنتاجهم بشأن اوسلو، ووقف كل اشكال التنسيق، قد يكون هذه المرة خاطئا"، وفيه قراءة ساذجة وسطحية للتطورات الجارية في الساحة الفلسطينية. وحتى "تهديد ابو مازن" بالانسحاب من المشهد، ليس تهديدا من اجل التهديد، بل يحمل في طياته الجدية. لكن لن يلقي الفلسطينيون انفسهم من اعلى الجرف، وسيبقوا ممسكين بزمام المبادرة، لاعادة الاعتبار للقضية الوطنية.
رغم جدية تهديد الرئيس محمود عباس بالاستقالة، واختلافها هذه المرة عن سابقاتها، إلآ ان رئيس منظمة التحرير، يعي دوره ومسؤولياته الشخصية والوطنية والقومية. ولن يغادر المشهد السياسي قبل ان يمهد الطريق للاتي: اولا عقد دورة المجلس الوطني في اقرب فرصة، لاشتقاق برنامج سياسي وانتخاب هيئة قيادية، تجدد شباب المنظمة، وإصلاح جذري لمؤسساتها ودوائرها؛ ثانيا عقد المؤتمر السابع لحركة فتح، بما يحمي وحدتها، ويصون دورها القيادي في الساحة الفلسطينية، وانتخاب هيئات قيادية قادرة على حمل الراية، والنهوض بالواقع الوطني العام؛ ثالثا تعزيز التنسيق مع الاشقاء العرب، بما يسهم في الارتقاء بالموقف العربي. والاخذ بعين الاعتبار مصالح الاشقاء بمستوياتها المختلفة؛ رابعا صياغة شبكة تحالفات اقليمية ودولية تحمي القضية الفلسطينية من اية أخطار تهددها.
غير ان هذه الخطوات الاستراتيجية، تفرض على صانع القرار، إتخاذ خطوات متدرجة لرصف الطريق اليها. لاسيما وان ما عاشه المشهد الفلسطيني من ارباك شديد، نجم عن عدم عقد الدورة العادية للمجلس الوطني، يملي العمل على: اولا إستعادة زمام المبادرة من خلال عقد سلسلة اجتماعات مع الهيئات القيادية الفلسطينية لوضع حد لحالة التراجع في مكانة القضية الفلسطينية؛ ولقطع الطريق على القوى السياسية المعطلة للمصالحة والمشاركة السياسية، وخاصة حركة حماس، التي شاء رئيسها في مداخلته امس في الدوحة، الايحاء، بانه وحركته "باتوا يمسكوا زمام الامور في الساحة". ثانيا الاعلان عن تشييع اتفاقيات اوسلو رسميا، ووقف التنسيق بكل اشكاله مع اسرائيل؛ ثالثا مطالبا العالم بعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية إسوة بالملف النووي الايراني والملف السوري والاوكراني، ورفض الدعوة للاجتماعات الشكلية، التي دعا لها الاتحاد الاوروبي. رابعا تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة، لشق طريق المصالحة الوطنية، وفرضها فرضا بدعم الاشقاء العرب، والاعداد الحقيقي للانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني. خامسا تصعيد المقاومة الشعبية في مختلف مدن وقرى ومخيمات فلسطين. سادسا تكثيف الاهتمام بقضية الشتات الفلسطيني، وخاصة ابناء الشعب الفلسطيني في سوريا ولبنان، وتنظيف المخيمات من المجموعات التكفيرية بمختلف مسمياتها وعناوينها، والضغط على العالم للعمل على فتح ابواب العودة لهم مؤقتا لاراضي الدولة الفلسطينية رغما عن إسرائيل.
على الكل الوطني ايضا تقديم الدعم والاسناد للرئيس ابو مازن، ليتمكن من تحقيق الخطوات الضرورية المطلوبة، وحتى يبقى زمام القيادة والمبادرة بيده وباليد الوطنية. ولدفع الاخرين لالقاء انفسهم من اعلى الجرف، عندما يشاهدون طائر العنقاء الفلسطيني يخرج من رماد محرقتهم محلقا عاليا.