لقد حصل الخلاف بين أفضل رجال عرفهم التاريخ البشري وهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين؛ وهم خير القرون وأعظم الناس وأصفاهم وأنقاهم أفئدة؛ وكيف لا يكونوا  كذلك! وهُمُ الذين اختارهم اللهُ عز وجل ليكونوا أصحابًا  للنبي الخاتم صل الله عليه وسلم، وتروي كتب السيرة والتاريخ أن الفتنة وقعت بين الصحابة الكرام، وذلك في زمن الخليفة ذي النورين الشهيد عثمان بن عفان رضي الله عنه، واقتتل الصحابة الكرام في معركة الجمل وبعدها كانت معركة صفين؛ وأما عن موقعة الجمل بإيجاز فهي معركة وقعت في البصرة عام 36 هـ بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام بالإضافة إلى أم المؤمنين عائشة التي قيل أنها ذهبت مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل، وسميت المعركة بالجمل نسبة إلى ذلك الجمل  ,وقد استشهد الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم في تلك الفتنة العظيمة؛ التي كانت من أعظم وأشد الفتن على الإطلاق في تاريخ الدولة الإسلامية.    إن الاختلاف في الرأي ظاهرة طبيعية، وصحية ولكن على أن يكون هذا الاختلاف من أجل المصلحة الوطنية وبناء الوطن والإنسان، ومن أجل عمارة الأرض واصلاحها، ونشر الخير والفضيلة بين الناس، وللبناء والتعمير، وليس من أجل التخريب والتدمير،،، فلقد أوجد الانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد الخلاف والشقاق، وصنع النكبات والويلات، وخلق الانتحار بين الشباب بدل الانتصار، وخلق الهجرة من فلسطين لبلاد الغرب، وسبب بالموت في قوارب الهجرة لمئات الشباب، وفرق الانقسام بين المرء وزوجه وبين الأخ وأخيهِ وبين الأب وبنيه، وحتي بين فصيلتهِ التي تؤويه، وخلق الانقسام الانكسار والكثير من الحالات النفسية المُنهارة والعصبية للشباب، وخلق فُجارًا أصحابُ مالٍ وبنين، وفقراء لا يجدون الطحين؛ وينامون فوق الطين؛ بل وأصبحنا نسمع يوميًا عن موت الشباب بالجلطات الدماغية والسكتة القلبية، ولقد سبب الانقسام الحصار، والفقر المُدقع، وتفسخ النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وأدامّ الوبار والدمار على الشعب الذي اكتوي ولا يزال يكتوي بنار الانقسام، ويدفع ثمنًا باهضًا لذلك الوضع المُريب الغريب العجيب الخارج عن تقاليد وأعراف شعبنا الفلسطيني البطل؛ وكل ما سبق من مآسي بسبب الانقسام البغيض يتطلب وقفة جادة ومخلصة وأمينة وصادقة من جميع  الشرفاء والمخلصين من ابناء شعبنا بكافة شرائحهم وخاصةً من قادة التنظيمين فتح وحماس علي كُل واحدٍ منُهم أن يقف عند مسئولياته الأخلاقية والدينية والإنسانية والوطنية والأدبية، وليس عيبًا أن يتنازل الأخُ لأخيه من أجل المصلحة الوطنية العليا، وليس عيبًا أن نكف عن عبارات الردح والتطبيل عبر الفضائيات ووسائل الاعلام؛ وعلينا أن ندفع بالتي هي أحسن، وأن نكون جميعًا مثل الذين قال الله عز وجل فيهم: " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" ، وأن تسامح ونتراحم ونتصالح ونتصافح، وأن نعلو فوق الجراح  ويكفينا نكبات الاحتلال، وعلي أصحاب الأجندات الخاصة والمنتفعين ماليًا من بقاء الانقسام أن يكفوا عن ذلك ويتقوا الله في شعب يذبح ليل نهار بسكين الانقسام البغيض؛ وويلٌ لهم مما كسبت أيديهم وويلٌ لهم مما يفعلون؛ فلن يرحم التاريخ ولا الشعب كل من يعمل على استدامة وبقاء الانقسام كائنًا من كان، ولا يحسبون أن الشعب جاهلاً وغافلاً عما يفعل أولئك الظالمون، بل الشعب يدرك تمامًا لكل ما يدور من حوله، وإن النار من مُستصغر الشرر، فلقد ضاقت علينا الدُنيا بما رحُبت وعلمنا أن لا ملجًا ولا منجى لنا من الله إلا لله، ومن ثم بإنهاء هذا الانقسام ينجو الجميع؛ ففتح وحماس والجميع كُلنا في الهواء سواء، ونحن ركبنا في سفينةٍ واحدة بين بحر لجُيٍ مُتلاطم الأمواج وهي تبُخر بنا عباب البحر ويضربها الموج من كُل مكان؛ ويحيط بها الموت من كل مكان وتكاد تغرق بالجميع دون استثناء أحد، أو تنجو بالجميع إن شاء الله، وأملنا كبير بكل الشرفاء من ابناء شعبنا ومن الفصيلين الكبيرين أن يحكموا المصلحة الوطنية العليا ونحن الأن على مفترق طرق على ذاتِ ألواحِ ودُسُرّ، ولترسوا سفينتنا بر الأمان يتطلب منا أن نعمل على غلق الخُرق الذي أصاب السفينة الفلسطينية ولنعود لحمة واحدة متحدين نقاتل صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص عدوًا مُجرمًا حرق الأخضر واليابس، وعلينا أن نخجل أمام دماء الشهداء والذين كان أخرهم وليس أخيرًا المُعلمة الشهيدة ريهام دوابشة رحمها الله- ومن هنا نتوجه لكل الجهود المخلصة التي تعمل ليل نهار على إنهاء الانقسام البغيض وعلى رأسهم محامي القدس والنخبة للحراك الوطني الذين يسعون لإنهاء الانقسام ولملمة الصف الفلسطيني وبوصلتنا هي فلسطين.