بسم الله الرحمن الرحيم

 

(إنَّ الثورة مدينة إلى أبطال الكرامة وشهدائها)

 

بيان صادر عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح – إقليم لبنان بمناسبة معركة الكرامة

في الحادي والعشرين من شهر آذار العام 1968كانت طلائع الثورة الفلسطينية المتمركزة في بلدة الكرامة  وحولها وعلى تلالها، وفي بساتينها على موعد مع معركة مشرِّفة ضد جحافل العدو الإسرائيلي الزاحفة باتجاه بلدة الكرامة الرابضة بأسودها على بعد كيلومترات من مجرى نهر الأردن، ظناً من القيادة الإسرائيلية بأنها تستطيع سحق قوات الثورة الفلسطينية هناك خلال بضع ساعات.

أن المعركة التي بدأت قبل الفجر انتهت بعد خمس عشرة ساعة، بعد العصر مسفرة عن خسائر هائلة في صفوف ضباط وجنود ودبابات وآليات العدو، ومحطمة كل أحلام غولدمئير ودايان، وكانت هذه الهزيمة الأولى لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أطلق على نفسه تسمية الجيش الذي لا يُقهر، وهكذا سقط جيش الأسطورة وأُحرقت دباباته في قرية الكرامة وعلى أبوابها، وشكَّل هذا الحدث التاريخي بداية عهد جديد من الانتصارات والبناء الثوري، وإقامة القواعد الارتكازية ، وإزالة تداعيات نكسة حزيران العام 1967. وجاءت معركة الكرامة لتعيد للأمة العربية والجيوش العربية أمجادها، وثقتها بنفسها، وبأنها قادرة على صناعة مستقبلها، وتحرير أرضها.

إنَّ معركة الكرامة التي شكلت منعطفاً تاريخياً حاداً حملت الكثير من المعاني التي كان لها الفضل الكبير في حصول التحولات والتطورات الإستراتيجية في مسيرة الحركة الوطنية  الفلسطينية، وفي مسار الصراع العربي الإسرائيلي، ومن أبرز هذه المعاني:

 

أولاً: إنَّ الارادة والايمان هما عاملان أساسيات من عوامل النصر والتحرير. وقرار القيادة الفلسطينية في الكرامة ارتكز على الارادة والايمان والثقة الكاملة بانتصار الحق على الباطل .

 

ثانياً: لقد كان موقف الجيش الأردني في تلك المنطقة موقفاً مشرِّفاً ملتزماً بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وهذا ما ترجمه القائد مشهور حديثة قائد الفرقه الأولى ونائب رئيس الأركان الاردني عندما أعطى تعليماته واضحة إلى فرقته لقصف التقدم الإسرائيلي إلى  الاراضي الاردنية والاشتباك معه وتكبيده العديد من الاصابات ما بين قتيل وجريح، واحراق الآليات. لقد كانت هذه المبادرة العسكرية الاردنية مؤشراً مهماً بالنسبة للعلاقة التكاملية بين الفدائي المقاتل الفلسطيني والجندي الاردني الذي استطاع تحقيق الهزيمة للاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي قلب صفحة هزيمة العام 1967، وبداية صفحة انتصار الكرامة.

 

ثالثاً: لقد وضعت القيادة الفلسطينية ثقلها في هذه المعركة حتى لا نأتي بهزيمة جديدة للأمة العربية، القيادة بكل أركانها الأساسية، أبوعمار وابوإياد صلاح خلف، وأبو علي إياد، وأبو صبري صيدم، وابو جهاد، وابو اللطف وغيرهم الكثير كانوا من داخل غرفة العمليات التي هي عبارة عن غرفة عادية يقودون المحاور الخارجية، والمواقع الداخلية مطمئنين إلى أنَّ النصر حليفهم.

 

رابعاً: إنَّ المواجهات بالقذائف الصاروخية والرشاشات، والعبوات مكَّنت الأبطال الذين يحلمون بالشهادة وينتظرونها من لحظة إلى لحظة ليؤدوا أدواراً تاريخية في التصدي، وخاصة الشهداء الأبطال: ربحي أبو الشعر، وأبو شريف هواش، وبشير أبو تمام، والشهيد رؤو ، والشهيد الفوسفوري، ورسمي وغيرهم.

 

خامساً: من الفصائل التي أسهمت في القتال ضد الهجوم بشكل مميز قوات التحرير الشعبية بقيادة اللواء الركن متقاعد حالياً صائب العاجز وهم الذين انتشروا على التلال وتصدوا للمظليين واوقعوا خسائر ملحوظة في صفوف العدو.

 

سادساً: لقد بدأ الهجوم صباح يوم 21آذار 1968 الساعة الخامسة والنصف صباحاً واستمر خمس عشرة ساعة، حيث أوقف العدو الهجوم تاركاً خلفه الدبابات والآليات المدمرة وفيها الجنود وقد احترقوا ولم يتمكنوا من الهرب. كان موشي ديان يأمل بعقد مؤتمر صحفي صباحاً الساعة العاشرة ليعلن انتهاء الثورة الفلسطينية، ولكنَّ حساباته القائمة على الغطرسة والعنصرية سقطت، وانطلقت الثورة أقوى مما كانت.

 

سابعاً: إن الدرس الأمثل الذي تعلمناه من هذه المعركة أنَّ أبناء شعبنا الفلسطيني، وأمتنا العربية والاسلامية توَّاقون إلى رؤية المقاتل المخلِّص من الهزيمة، ولذلك فما إن توقفت المعركة حتى اندفع الآلاف من شبابنا يعلنون ولاءهم للثورة، ويبحثون عن المعسكرات، وعن البنادق تاركين وراءهم جامعاتهم، ومدارسهم، وأعمالهم، ومصرين على أن يكونوا جنوداً مخلصين وأوفياء لمسيرة الثورة التي ما زالت حتى الآن تدينُ بوجودها واستمرارها إلى أبطال الكرامة وشهدائها.

 

في هذه الذكرى المباركة نؤكد في حركة فتح أن قادتنا وشهداءنا الذين صمدوا وقاتلوا آنذاك مازالوا في ذاكرتنا وقلوبنا يزرعون فينا العزة والكرامة، ومن هذا المنطلق نؤكد للعالم أجمع أنَّ حركة فتح ستبقى الحركة الوفية التي تمتلك المبادرة والشجاعة لتفعيل الواقع باتجاه المقاومة الشعبية القادرة على مواجهة الاحتلال وازالة وجوده ومستوطناته، وتطهير المقدسات ، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. إن هذه الحركة الرائدة تدرك ان  مهمتها الوطنية لن تتوقف حتى تنتصر الثورة، وحتى تتم العودة إلى أرضنا التاريخية مهما كلَّفتنا التضحيات.

 

وانها لثورة حتى النصر

 إقليم حركة فتح – لبنان

 21/3/2013