1. سفر
علّمني يا وطني أن أضحَك من قلبي
علّمني أن أمزِّقَ قميصكَ الأسودَ في الأعياد
علّمني أن أقتلعَ الجدرانَ وأرميها للكلاب الجائعة
علّمني أن أقولَ الكلامَ السّهلَ وجرعة َالحبّ الزائدة
علّمني أن أكونَ العاشقَ لغيري
والمجهولَ كوردةٍ على حائطٍ مرتفعٍ
والمخبّأَ كسلاح تبحثُ عنه الدولةُ
والحالمَ بجواز سفر أُستراليّ
علّمني أن أرزحَ تحت ظلّك كلاجئ سوري رقم واحد
2. بحر أشقر
كلّما رأيتُ البحرَ غارقاً باللونّ الأزرق تمنّيتُ النجاة
كلّما رأيتُ النورَ منبعثاً من النفقِ ابتعدّتُ من الكهف
كلُّ مواعيد اللجوء ورائي
كلُّ ماضي النّزوح أمامي
كمْ أحتاجُ من السجونِ لأقولَ أنا بريء
كمْ أحتاجُ من الكلامِ لأقولَ أنا خزين
3. مركب متوقف
في البحر الذي سأكونُهُ
معطفُكِ على يدي
في المركبِ الذي سيغرقُ
أكرهُكِ من دون جدوى
في الموجةِ التي تشقُّ هيكلَكِ
بدءًا بالوجنتينِ
فالابتسامةُ
فالحاجبُ والقامةِ
بعفويةِ شعركِ
بموتكِ
كَرْكَبْتي جذوري
في أيّ وقتٍ يعلو البحرُ أشْنُقيهِ
في أيّ وقتٍ ينخفضُ كفّنيهِ
الموتى لا يخافونَ الارضَ المتأوهةَ
ما يرشحُ من أعماقكِ قطراتٌ تتوسّدُ دمَكِ الباردَ
أخيطُ الغيابَ لروحك لأحمي كلامَكِ من البرد
اختاري بلادي في سفر المراكب
اختاري وطني الضائعَ في اليوم ألف مرّةٍ
اختاري قلمي لا ندمي
عودي باشجانكِ لأبدأ العدّ العكسيّ
في إزالةِ الحزنِ من رؤوسِنا المدفونةِ في الرمالِ
ولأعيدَكِ الى سلّةِ ورودكِ
4. نافذة
ذاكرتُكِ تُمسكُ بيدي كي لا أتوهَ
تأخذني الى آخر كلمة في غيمة حياتك
شجرتُكِ مجروحة لا تستند الى أرض
لا أعرفُ كيف التقطُها إنْ سقطتْ بلا نهايات
يدي قصيرةٌ لا تصلُ الى هناك
فشلتُ في تأمّلِ الشتاءِ على عتباتِ خيالي
غرقتُ في القلقِ
وانكمشَتْ كلماتي المغسولةُ بألوان دمي
أتذكرينَ كم مرّةً رسمتُكِ
وكمْ مرّةً فقدتُ حرفاً من اسمكِ
وكمْ مرّةً فقدتُ شعرةً من رأسكِ
وكمْ مرّةً فقدتُ وردةً من وجهكِ
وكمْ مرّةً فقدتُ وطناً في سفركِ
لو كنتِ سماءً لغزوتُكِ
لو كنتِ بحراً لشربتُكِ
أحبّك ممدّدةً على ضفيراتِ الفضاءاتِ المزقزقةِ
وفي خزاناتِ آلامي الداخلية
حبّكِ ينخرُ عظمي
يُؤذي شرايني
يُدمي خيالي
يشربُ قهوتي ويدخّنُ سجائري
أنا الذي لا أُدخّنُ ابداً
أشعرُ بقربِ السقوطِ في الحقيقة
وفي شارعٍ مزدحمٍ بملايين الكلماتِ
والسقوطِ في الحياة
والسقوطِ فيك ببراءةِ العصفورِ
والسقوطِ من شرفةِ غيابكِ
ومن قلبكِ المتعبِ من الظلم والتوحش
قلبك الذي يرتدي الأسودَ كلَّ يومٍ
ويغوصُ في قصصٍ متسارعةٍ
ويقطعُ أوتارَ الآمالِ ويرميها في ظلمةِ الكونِ
كَمَنْ يبعثرُ شعلةَ اليأسِ
على نافذةٍ تبعدني عن ارضي
في البحر الذي سأكونه
31-03-2015
مشاهدة: 4337
محمد سعيد
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها