أثار قرار مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مؤخرا بفصل المراقب العام الأسبق عبدالمجيد ذنيبات و"كل من يثبت اتصاله مع الدولة لتصويب الصفة القانونية للتنظيم"، جدلا حول إمكانية أن تصمد الجماعة الأكثر تنظيما أمام التصدعات والانشقاقات في صفوفها.

موجة الجدل والسجال غير المسبوق بين قيادات الصف الأول في الحركة التي تتمتع بحضور على المستوى الحزبي الأردني، والتي تداعت عن قرار الفصل والمواجهة المتصاعدة بين قيادات سابقة وحالية بالجماعة باتت تمثل خطرا وجوديا على الجماعة، حسبما قال أحد كبار قيادييها في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول.

 مكمن الخطر يبرز عبر مغالبة تحدث حاليا بين فريقين متخاصمين داخل الحركة الإسلامية، أحدهما يطرح نفسه كإصلاحي يريد إعادة إحياء دور الجماعة، وتجديد منهجها على الساحة السياسية، وزيادة حجم مشاركتها في السلطة، والقبول بفكرة الإصلاح التدريجي التي ينتهجها النظام الأردني، مع تركيز النشاط الحزبي على الساحة المحلية أكثر من الاهتمام بالقضايا العربية والدولية.

هذا التيار يتخذ من مبادرة "زمزم" الإصلاحية مرجعية جديدة، انبثقت عن تيار قديم داخل الحركة يصطلح على تسميته بالحمائم.  في مقابل تيار آخر وله حضور قوي داخل الجماعة يمكن وصفه بـ "الصقور" الذين يرفضون المشاركة في العملية السياسية الأردنية منذ أعوام ويقاطعون الانتخابات النيابية، ويتخذون مواقف متشنجة من الدولة، ولديهم تنسيق أعلى مع الخارج، لاسيما مع إخوان مصر، وحركة "حماس" ذات المرجعية الإخوانية.

قيادي إخواني أردني حاول تفسير ما يحدث داخل الجماعة في حديث خاص لـ"الأناضول"، مشترطا عدم ذكر اسمه. ورأى القيادي أن قرار الجماعة بفصل ذنيبات لابد من إعادة النظر به، لأنه قد يسهم في زيادة حجم الانشقاقات داخل الجماعة، وفي حال حقق المحتجون (تيار الحمائم) أكثرية، فإنهم سيذهبون لتسجيل ما يشبه التنظيم الإخواني الجديد كحزب سياسي أو جمعية، وبهذا تخسر الجماعة عددا كبيرا من أعضائها وقياداتها من تيار (الصقور).

وفي الآن ذاته، وحسب المصدر نفسه، لن يشكل التنظيم الجديد قوة ضاغطة ذات الزخم السياسي المعهود للحركة الإسلامية، وكل ذلك بالضبط هو ما يمكن وصفه بالمغالبة التي لا تنتصر بها الكثرة ولا الشجاعة، بل تضعف الجماعة وتسبب انشقاقا كبيرا وشرخا داخل صفوفها، وبالتالي اضمحلال دورها داخل المجتمع الأردني.

وتردد قيادات في شورى الجماعة أسماء 10 من أعضاء الجماعة ممن تنطبق عليهم شروط الفصل، لكن الجماعة أكدت على أنها حتى الآن لم تصدر أي قرارات خطية رسمية بذلك، باستثناء القرار بحق ذنيبات.

وكان قيادي إخواني أكد في وقت سابق لـ"الأناضول"، ذهاب عشرة من قياديي الجماعة على رأسهم المراقب العام الأسبق عبد المجيد الذنيبات إلى رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور، مطالبين بتصويب الأوضاع القانونية للجماعة وتسجيلها كحزب سياسي. جميل دهيسات، أحد قياديي الجماعة المفصولين بشكل غير معلن رسميا، قال في تصريحات سابقة إنه لم يقابل هو أو غيره رئيس الوزراء للغاية المذكورة.

 دهيسات أوضح أن دعوات تصويب الأوضاع يطلقها عدد من أعضاء الجماعة منذ أكثر من عام، بهدف إعادة إحياء دورهم السياسي، ومن أجل فصل الجماعة كفرع عن التنظيم في مصر لاسيما بعد أن اعتبرها النظام المصري "جماعة إرهابية" بحكم قضائي (سبتمبر/أيلول2013) وقرار آخر بحل حزب الحرية العدالة الذراع السياسي للجماعة في مصر، واصفا قرار الفصل بغير الشرعي، وهدفه تصفية حسابات سياسية على خلفية انتماء المفصولين لمبادرة تدعو لإصلاح الجماعة من الداخل وتدعى مبادرة زمزم.

وقرر المراقب العام الحالي همام سعيد الأربعاء الماضي فصل ذنيبات نهائياً من الجماعة، باعتباره أول المبادرين إلى مراجعة الحكومة لهذه الغاية. وليلة الخميس الجمعة أعلن 27 قياديا من شعبة الجماعة في شمال الأردن رفضهم الاعتراف بقرار مجلس شورى الجماعة المتضمن فصل المراقب العام الأسبق عبدالمجيد ذنيبات من التنظيم على خلفية اتصاله مع السلطات الأردنية بهدف تصويب الوضع القانوني للجماعة وتسجيلها كحزب سياسي. قيادات الإخوان بشمال الأردن أعلنوا في بيان سابق، أن هذا القرار "لا يستند إلى شرعية لمخالفته الصريحة للقانون الأساسي للجماعة، ولا إلى اي مسوغ شرعي أو قانوني، وافتقر إلى أبسط قواعد العدالة الشرعية والقانونية".

 وتوافق أكثر من 70 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين التاريخية ليل الثلاثاء، على مبادرة هي الأولى من نوعها، لجسر الهوة التي تفاقمت بين قيادة الإخوان ومجموعة تنتمي إلى نفس التنظيم، وذلك بالتوافق على توجيه رسالتين تدعوان الطرفين للتراجع عن إجراءاتهما التصعيدية المتعلقة بالتنظيم، و"إدانة" تلك الاجراءات.

وجاءت المبادرة، عقب اجتماع مطول دعا إليها فريق من حكماء الجماعة، بدعوة من القيادي عبد اللطيف عربيات في منزل القيادي نمر العساف، وحضور أكثر من 70 شخصية من أعضاء مجلسي شورى الجماعة والحزب وأعضاء الهيئات الإدارية، وكذلك القيادات التاريخية للجماعة. ومن بين من حضر اللقاء بحسب أحد القيادات: سالم الفلاحات وحمزة منصور وإسحق الفرحان والدكتور عبد الحميد القضاة.