تمكن مئتان من الشباب الفلسطيني والاممي من إقامة قرية باب الشمس على الاراضي المحتلة التابعة للعيساوية والطور والعيزرية وعناتا وابو ديس ردا على التوجهات الصهيونية الاستعمارية لبناء (3000) ثلاثة الاف وحدة استيطانية في المنطقة المذكورة. وهي منطقة ذات طابع استراتيجي للدولة الفلسطينية وخيار السلام القائم على حل الدولتين على حدود 1967. لان الهدف الاسرائيلي يرمي الى إغلاق الدائرة الاستعمارية حول العاصمة الفلسطينية، لضمها عمليا، من خلال الربط بين مستعمرة معالية ادوميم والقدس الشرقية.

بناء القرية الفلسطينية رغما عن سلطات الاحتلال، كما جاء في بيان المجموعة الشبابية، واستنادا الى قرار الشعب الفلسطيني في الدفاع المشروع عن حقوقه الوطنية، يعتبر خطوة رائدة في المقاومة الفلسطينية. وتعطي زخما قويا لتعميق اشكال الدفاع عن الحقوق المنهوبة والمستلبة، والتي يجري مصادرتها على مدار الساعة. ويفتح الافق امام الافكار الابداعية لتطوير اشكال المقاومة في المدن والقرى، التي تواجه الاخطار الصهيونية إن كان من قبل حكومة اقصى اليمين او قطعان المستوطنين.

كما ان قرية باب الشمس، التي اخذت اسمها من رواية الاديب اللبناني الياس خوري، تعتبر تحولا كيفيا في مواجهة التغول الصهيوني، لا سيما وانها شقت طريق استعادة روح المبادرة في التصدي لجرائم وانتهاكات دولة المستوطنين، الذين باتوا يؤرقون حياة الفلسطينيين، بهجماتهم اليومية، اضافة الى انها تشكل علامة فارقة في كبح المشاريع الاستعمارية الاسرائيلية، وحتى لو استطاعت سلطات الاحتلال الاسرائيلي من اقتلاع الخيام، التي نصبتها مجموعات المقاومة الشعبية، خاصة وانها، سلمت القائمين على القرية أمراً بالاخلاء، كما ان نتنياهو أعطى امرا باغلاق الطرق عن القرية وإعلانها منطقة عسكرية، كمقدمة لاقتحامها. فإنها ستبقى عنوانا من عناوين المقاومة النوعية والمتميزة في التصدي للمخططات والمشاريع التهويدية للاراضي الفلسطينية.

قرية باب الشمس، وقبلها قطع الطريق 443 الواصل بين القدس ودير اللطرون، وتشكيل فرق الحراسة الوطنية للقرى، أشكالا متقدمة من الكفاح الشعبي الفلسطيني، ومليونية غزة، تعطي القيادة السياسية اوراق قوة جديدة لمواجهة دولة الابرتهايد الاسرائيلية والولايات المتحدة ومن يقف معهم في المحافل الاقليمية والدولية، وتسلح قوى السلام في العالم المدافعة عن خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 67 عنصرا مهما لمواجهة الصلف والغرور والغطرسة الاسرائيلية. وفي الوقت نفسه، تعري القادة العرب أكثر فاكثر، وتفضح سياساتهم، التي أعلنها عنهم نتنياهو قبل أيام على احدى القنوات الفضائية الاسرائيلية، عندما قال: التزم القادة العرب بعدم تمويل موازنة الدولة الفلسطينية كما اتفقنا معهم؟

تجربة قرية باب الشمس البطلة، عنوان جديد يضاف الى شكل المقاومة الشعبية، ليعزز معارك القيادة الوطنية برئاسة الرئيس محمود عباس السياسية والديبلوماسية وعلى صعيد البنية التحتية ومواجهة الاستعصاءات والكوابح، التي تضعها الولايات المتحدة واتباعها من الحكام العرب. وحتى تتعزز التجربة الكفاحية الجديدة، وتتعمق على القيادة مسؤولية كبيرة لإعادة نظر في آليات تعاطيها مع المقاومة الشعبية، لجهة وضع رؤية وطنية برنامجية، وتحديد اداة قادرة وقوية من الكل الوطني، وتقديم الدعم المناسب لها، وخلق شراكة حقيقية مع قطاعات الشعب المختلفة لاعطائها الزخم المطلوب، وإحداث تحول نوعي في نهوضها.