الارهاب بكل تلاوينه ومسمياته وادواته ليس نبتا شيطانيا، انما له أسباب ذاتية وموضوعية تدفعه للنشوء هنا او هناك. لكن قبل الابحار بعيدا في تشخيص الاسباب، تستدعي الضرورة الفصل بين الارهاب ومقاومة الشعوب ضد جلاديها ومحتليها. ولا يجوز في خضم الحملة المتصاعدة على الارهاب في اصقاع الدنيا، الخلط بينه وبين المقاومة المشروعة المنسجمة مع قرارات الشرعية الدولية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. 
من الاسباب الموضوعية لظهور الجماعات الارهابية: اولا قيام اجهزة الامن الدولية والاقليمية والمحلية بمستوياتها وحساباتها بانشاء تلك الجماعات، وتمويلها وتسليحها لخدمة اهدافها. ثانيا وجود تربة دينية او اجتماعية صالحة في هذا البلد او ذاك او على مستوى الاقليم. ثالثا الصراعات الاقليمية او الدولية والمنافسة فيما بين القوى المختلفة على الاسواق والثروات. رابعا غياب معايير الشرعية الدولية، وتفرد الاقطاب الدولية في السطو على سيادات واستقلال الدول والامم. 
الاسباب الذاتية: اولا غياب العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم. ثانيا تسييد المنطق الاستبدادي والارهاب السلطوي. ثالثا تخلف المجتمع، ووقوعه تحت سطوة الجهل والامية والفقر والفاقة. رابعا سيطرة رجال الدين واقرانهم من تجار السياسة والمافيات على منابر الاعلام والثقافة ومراكز القرار. خامسا غياب القوى السياسية الحية، حاملة لواء التغيير. سادسا التمزق الديني والمذهبي والطائفي والاثني. سابعا انتفاء مظاهر الديمقراطية بابعادها المختلفة، وعدم وجود اي تداول للسلطة. ثامنا غياب التنمية بكل اشكالها، وتفشي مظاهر الركود السياسي والاقتصادي والتجاري. تاسعا تعميق انماط البداوة والعشائرية في ادارة الدولة. عاشرا غياب برامج تعليمية متطورة ومواكبة للعصر الحديث. 
هذه العوامل مجتمعة تساهم في نشوء الجماعات الارهابية. واستشراء خطرها على المجتمعات الناشئة بين ظهرانيها، والحاضنة لها، وتمتد اخطارها الى اصقاع الدنيا كلها بمقدار ما تجد من الرعاية والدعم. وهي سلاح ذو حدين، لأن خطرها لا ينحصر في مكان بعينه ولا ضد جماعة او دولة بذاتها، بل بتعاظم نفوذها، وارتباطا بتعميمها للافكار المسمومة والسوداء، واستقطابها لشرائح وفئات جديدة، فإنها تنفلت من عقالها في توسيع دائرة ارهابها، فتطال الحواضن الحاملة لها.
واذا توقف المرء عند الارهاب الاسلاموي، فالعوامل السابقة شكلت الناظم الاساس لولادته وبلورته، الذي أصلت له الاستخبارات الغربية والاسرائيلية وبعض انظمة الاستبداد والفساد العربية والاسلامية.وهيأت له كل عوامل وشروط النجاح السياسية والمالية والاعلامية واللوجستية العسكرية. كما ان الحوامل الدينية غير المدينية والاخوان المسلمين وامتداداتهما في المشرق والمغرب العربي، لعبت دورا مهما في انتشار وتوسيع تأثيرها بالتلازم مع المال السياسي. وخلقت الارضية الملائمة لولادة ونشوء الجماعات الارهابية بمسمياتها وعناوينها المختلفة، التي تعاظم نفوذها بعد انفجار ثورات الربيع العربي مع نهاية 2010 ومطلع 2011.