ذات يوم، ألح الإسرائيليون على شاه إيران، أن يسمح بالإعلان على الملأ، عن وجود علاقات متطورة، وتعاون استخباري، بين نظام بلاده، والدولة العبرية. لكن الشاه، محمد رضا بهلوي، كان بهلوانياً في جوابه، إذ مَزَجَ النَزَق مع الضَجَر مع الرفض، قائلاً بصيغة الاستفهام التقريري: ألا تعرفون، يا أحبائي، أن العِشق ألذُّ من الزواج؟
كان طبيعياً، أن يحرص الشاه، على اخفاء علاقته المحرمة، عن جموع الحزانى الايرانيين، الفقراء الشرفاء، فيما كان العدو، أحرص على اشهار هذه العلاقة، لتأخذ وضعها، أمام الدنيا، كفتح أو اختراق للعالم الإسلامي، وتوغل الى قلب الشرق المؤمن. غير أن لذة الخيانة، كانت قد توافرت للامبراطور، وما تبقي، بعد ذلك، ما يعتبره الإسرائيليون ضرورياً، سيكون فضيحة لا لزوم لها. فالعاشق الغبي، الساعي الى التهلكة، هو وحده الذي يُغامر بإشهار وقائع علاقته الآثمة، التي من شأنها استمطار اللعنات - وربما البساطير - على رأسه. 
ومثلما تقول حكمة صينية قديمة: "قد يناما معاً في سرير واحد، ولكن تظل لكل منهما أحلام مختلفة"؛ اختلف حساب الصهاينة عن حساب الشاه. كان ذلك في الزمن الذي لم تكن قد تطورت فيه بعد، جسارة الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي. أما وقد تطورت هذه الجسارة الآن لتصبح وقاحة طبيعية لا يؤثم صاحبها، وباتت في متناول كائنات رسمية وأهلية هشة ومكشوفة وغير محصنة؛ فلماذا لا يُفصح كل ذي علاقات محرمة، عن كل الوقائع الحميمة، التي عاشها ويعيشها، على الأقل لكي يساعدنا على دحض الفكرة التي نجح المحتلون في تسويقها، وهي أنهم قهروا العرب والمسلمين واحتقروا العالم، بشفاعة قوتهم المحضة وعبقريتهم الاعجازية. لكن هؤلاء المحتلين يريدون من شركاء العلاقات المحرّمة، من الكبار والصعاليك، أن يستروا عوراتهم وألا يفصحوا عنها خشية ان يتطور البوح الى مطالبات بأخذ الخاطر أو بشيء من العرفان بالجميل. إن مثل هذا السياق، يمكن أن يتطور بحيث يتجاوز طرف كل صاحب "فضل" على الصهيونية، حساسية المجاهرة بنُصرة مشروعها؛ فيطالب بحقوقه بالتَمنُن والتعيير وبحقوقه الشخصية والعائلية. وفي ذلك السياق، تكون العصمة في يد الصهيوني، وهو وحده الذي يقرر وقت وصيغة وحجم المعلومة عند الاعلان عن عميل قديم، والمبادرة الى الاشهار، وعلى النحو الذي يخدمه ويُهيل ركاماً من اللعنات على المفتضح الذي لم يعد يلزمهم.
اليوم، بعد أن أوصلتنا الدروب، الى اختصار القضية الفلسطينية في ثوابت الحد الأدنى، باتوا يفتشون عن عملاء لا يزعجهم الافتضاح، يساعدون على تأمين القطيعة بين الفلسطينيين ومرجعيات قضيتهم. كأنما بدأت مرحلة استثمار جراحات الناس ونكباتها، وغواية الناس التي بذلت الدم وأرهقها الضنك، بالفرص والوعود التي يمكن أن تصبح سانحة للعيش بكهرباء مستدامة، ومياه عذبة غير ملوثة، وبنية تحتية جديرة بالتكفل بالقمامة وبمياه الاستحمام والتغوط، مع رواتب أو مداخيل من سوق رائجة. 
في هذا الاطار، يتبدى العميل في نسخته المنقّحة، فأل خير ورزق وأمان، لا سبب لديه للتكتم على دوره وعلاقاته. فإن كان لشاه إيران، سبب واحد، للتخوف من إشهار علاقاته، وهو وقتها ذو الطاووس، وذو النفط، وذو الثقل الإقليمي، وذو الجيش الامبراطوري؛ فإن مثل هذا السبب لم يعد قائماً. أما ذوو العلاقات المسروقة، المحليون والاقليميون، من غير ذي الثِقل، ومن غير ذي الطواويس، الذين كان لديهم ألف سبب لإخفاء أمر العلاقات المحرمة؛ فقد بات واحدهم مثل شاهد الزور، الذي اشبعته الأمثلة والحكايات الشعبية سخرية يستحقها.