خطت المملكة العربية السعودية خطوة إيجابية للأمام في دعم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/يونيو1967، وأكدت حرصها وتمسكها بشق مسار إضافي أمام عربة السلام، ورفضها التطبيع المجاني مع إسرائيل وفق معادلة ما يسمى "السلام الإبراهيمي" الوهمي، وأكدت العربية السعودية بلسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الأربعاء الثامن عشر من أيلول/سبتمبر الماضي لدى افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، أن القضية الفلسطينية تتصدر اهتمام بلاده. وأكد أن المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، معمقًا موقفه بالجزم، بأن السعودية لن تقيم أي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك.

وتجسيدًا لموقف ولي العهد السعودي، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان يوم الجمعة الموافق 27 أيلول/ سبتمبر الماضي عن إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، وذلك خلال الاجتماع الوزاري بشأن القضية الفلسطينية على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 79 في مدينة نيويورك.

وشدد الوزير فرحان على أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حق أصيل وأساس لعملية السلام، ودعا دول المنظومة الأممية كافة للتحلي بالشجاعة واتخاذ قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أسوة بالدول المعترفة بها الـ149. وأضاف: "إن تنفيذ حل الدولتين هو الحل الأمثل لكسر حلقة الصراع والمعاناة، وخلق واقع جديد من الأمن والتعايش والسلام تنعم به المنطقة، بما فيها دولة إسرائيل، كما وكرر وزير الخارجية السعودي إدانة ولي العهد لجرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني".

ويتشكل التحالف الدولي الجديد من 80 دولة، قوامها الدول العربية والإسلامية والأوروبية المعترفة بدولة فلسطين، ويفترض أن تدعو المملكة الدول المنضوية فيه، إلى الانعقاد خلال الساعات أو الأيام القليلة القادمة في العربية السعودية، مع إمكانية التحاق العديد من الدول الجديدة لهذا التحالف، بخاصة من الدول المعترفة بدولة فلسطين، بالإضافة لدول أخرى مؤيدة لخيار حل الدولتين على حدود الـ 4 من حزيران/يونيو 1967 لا سيما أن حضور الدول ومشاركتها لا يحملها أعباء إضافية.

طبعًا الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها رفضوا الانضمام للتحالف الأممي الداعم لخيار حل الدولتين، مع أن واشنطن تنادي بحل الدولتين، لكن من خلال المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تلك المفاوضات التي أفشلتها إسرائيل ونتنياهو شخصيًا، ومن خلفه الولايات المتحدة. وبالتالي إصرارها على العودة للمفاوضات فيه رضوخ معلن من إدارة بايدن مع إسرائيل، التي طالبت من قيادة السعودية أولاً التطبيع مع إسرائيل، وثانيًا إغفال المصالح والحقوق الوطنية الفلسطينية، وتهميشها، مع أن حل القضية الفلسطينية يعتبر أولوية لإشاعة الأمن والتعايش بين شعوب المنطقة، ووقف دوامة الإبادة الجماعية وإرهاب الدولة الإسرائيلية.

في كل الأحوال، تعتبر الخطوة السعودية نقلة إيجابية في مسار تحريك عملية السلام معنويًا. لكن التحالف الجديد يحتاج إلى ميكانيزمات وأدوات تفعيل، ليتمكن من شق مسار السلام، والذي يبدأ بالوقف الفوري والدائم للإبادة الجماعية على الشعبين الفلسطيني واللبناني، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، والتوقف عن انتهاكات التهجير القسري لأبناء الشعبين الشقيقين، وتسليم إدارة القطاع بما في ذلك المعابر المختلفة وفي مقدمتها معبر رفح الدولي لدولة فلسطين وحكومتها ولمنظمة التحرير، ورفع مكانة دولة فلسطين لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، والذهاب لمؤتمر دولي للسلام، وتنفيذ قرار الجمعية العامة المتبني للفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية، وغيرها من النقاط الـ 12 التي أعلنها الرئيس أبو مازن في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 أيلول/سبتمبر الماضي، وهو ما يملي على الدول الداعمة لخيار السلام استخدام أوراق القوة العربية والإسلامية والأممية على إسرائيل، لإلزامها باستحقاقات السلام وفق قرارات الشرعية الدولية.