شرق أوسط جديد، ليس من بنات أفكار، ولا من مخططات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يقال إن حربه الراهنة التي يواصلها ضد فلسطين شمالاً وجنوبًا، وضد لبنان، هي من أجل تحقيق هذا الشرق الجديد، وفق مساحات الهيمنة الإسرائيلية ومطامعها التوسعية.

فكرة الشرق الأوسط الجديد، بدأت مع "شيمعون بيرس" رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، ونظرت لها بفكرة "الفوضى الخلاقة" وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كونداليزا رايس.

هذا يعني ولأجل هذا الشرق الجديد أن حرب نتنياهو هذه كان قد خطط لها منذ زمن بعيد نسبيًا، فبحث نتنياهو عن الذريعة فوجدها في "السابع من أكتوبر" ليشعل فتيل حربه هذه، وكان قد جاء قبل ذلك بالصهيونية الدينية، الذين وصفهم ناحوم بيرنياع "بمشعلي النيران" إلى مجلس وزراء حكومة إسرائيل، في انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين.

وإزاء ذلك، نحن لا نرى أن نتنياهو بصدد إنهاء حربه هذه، وسيواصلها على الأقل ضد لبنان بالطريقة ذاتها، التي واصلها ويواصلها ضد قطاع غزة، ويسانده في ذلك، على هذا النحو أو ذاك، ذرائع منوعة تواصلها بيانات وخطابات ما بقي من محور الممانعة، ليبقي نيران هذه الحرب مشتعلة، ولعل فضائيات الخديعة، بما تقدم من تحليلات رغائبية، عن هذه الحرب، واحدة من أسباب إطالة أمدها.

ويتجاهل نتنياهو حتى الآن الكثير من سيكولوجية الشرق الأوسط، التي ليس بوسع الدبابة أن تغير فيها شيئًا، قد تفرض واقع الهيمنة في السياسة، لكنها لن تفرض مفاهيم، وقيمًا جديدة، فجنازير الدبابة على الأرض تهشم واقعًا، لا قيمُا ومفاهيم، ولا مشاعر ولا أحاسيس ولا أفكارًا، ما زالت وستبقى محمولة على ضرورة العزة، والكرامة، والسيادة، ومن خلال رفض العدوان، والاحتلال، والهيمنة الاستعلائية، ودون أي جملة شعرية، فإن سيكولوجية الشرق الأوسط، هي سيكولوجية القلق الذي لا تسوية له، دون أن تكون هناك تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وبهذا المعنى، ولهذا السبب فإن سيكولوجية الشرق الأوسط في المحصلة، هي سيكولوجية القضية الفلسطينية، لا بقلق الخوف والتوهم وإنما بقلق المبدع الذي أوجد الرقم الصعب في معادلة الصراع، والتسوية معًا، وكرسه بالصمود، والقرار الوطني الفلسطيني المستقل.  

ومع دولة فلسطين الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، يمكن للشرق أن يصبح جديدًا، وهذه حقيقة لن تأتي بها الحروب أًيا كان نوعها وحقيقتها، ناهيكم عن حرب نتنياهو هذه، لا شيء يؤمن الاستقرار ويحقق كل ما هو جديد بالمعنى الايجابي للكلمة، سوى السلام العادل، ودائمًا هذا هو سلام فلسطين، وهذا هو مشروعها المناهض للحرب والعنف، التي لا تخلف سوى الدم والدمار، والذي لا يستهدف سوى تحقيق الأمن، والأمان، والاستقرار.