حكومة الاحتلال اشترطت على وزيرة الخارجية الكولومبية "ماريا انجيلا هولجوين" أن تلتقي بوزير خارجيتها كي تسمح لها بزيارة رام الله والاجتماع بوزير خارجية فلسطين، ما دفع وزيرة الخارجية الكولومبية أن تلتقي المالكي في العاصمة الأردنية "عمان"، قبل ايام قليلة أقام الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" حفل استقبال حاشدا لمجموعة من الطلبة الفلسطينيين الذين سيلتحقون بجامعات فنزويلا ضمن ألف منحة أعلن عنها الرئيس الفنزويلي للطلبة الفلسطينيين ضمن برنامج أطلق عليه "منح ياسر عرفات" تخليداً لذكرى الرئيس ياسر عرفات.
هذه ليست أخبارا صغيرة يمكن حشرها في زاوية ضيقة في الفضاء الإعلامي الواسع، بل هي كبيرة بحجم التغير الكبير في سياسة الدول اللاتينية حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال السنوات القليلة الماضية، وحجم التعاطف المتنامي مع القضية الفلسطينية الذي لا يتوقف عند عبارات الشجب والاستنكار للسياسة العدوانية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، بل يأخذ طابع المواقف الجدية التي وصلت لقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الاحتلال كما فعلت فنزويلا وبوليفيا أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2009، ومواقف الدول اللاتينية أثناء الحرب الأخيرة على غزة كانت أكثر تقدماً من مواقف الدول العربية والاسلامية. 
ولعل أهمية هذا التغيير تكمن في عدة اعتبارات، اولها أن الأمر لا يقتصر على دولة أو اثنتين في منظومة الدول اللاتينية، بل يمكن لنا القول ان التغيير طال مجمل الدول اللاتينية بعد سيطرة اليسار على الحكم في غالبيتها، والمسافة بينها فيما يتعلق بموقفها من القضية الفلسطينية باتت أضيق، فإن كانت كوبا منذ أمد طويل شقت طريقها في دعم القضية الفلسطينية، إلا انها كانت على مدار عقود عدة تغرد بمفردها في المحيط اللاتيني، فيما اليوم تكاد تجمع الدول اللاتينية على موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية.
وثانياً ان هذه الدول التي كانت بمثابة جمهوريات الموز بالنسبة للإدارة الأميركية وسياستها الخارجية تتماهى مع المطلب الأميركي، فمن الواضح اليوم أن دول أميركا اللاتينية شقت عصا الطاعة وبات لها سياستها الخارجية البعيدة عن متناول الإدارة الأميركية.
وثالثاً ان دول أميركا اللاتينية التي كانت تغوص من رأسها حتى أخمص قدمها في عالم المخدرات والعصابات والجريمة المنظمة، ووجهت كثيراً اصابع الاتهام للأنظمة الحاكمة بأنها جزء من كارتل المخدرات، إلا أنها استطاعت في السنوات الأخيرة أن تتخلص من هذه الصفة التي اساءت كثيراً ليس فقط لأنظمة الحكم فيها بل لشعوبها أيضا، واخذت هذه الدول تشق طريقها بقوة في النمو الإقتصادي، فدولة مثل البرازيل قبل سنوات قليلة كانت على شفا الإفلاس تتمتع اليوم باقتصاد قوي ينافس الدول الكبرى.
وبطبيعة الحال لا يمكن لنا ان نغفل الاستقرار السياسي الذي باتت تتمتع به هذه الدول من خلال تعزيز النهج الديمقراطي والانتقال الآمن للسلطة، وبالتالي تبني دول أميركا اللاتينية للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وموقفها المتقدم له من الأهمية ما يجب أن يدفعنا للاهتمام أكثر بتنمية هذه العلاقة، وهو ما يتطلب بالمقام الأول تكثيف زيارات القيادة الفلسطينية لتلك الدول ومن ثم نسج علاقات أوسع في المجالات المختلفة، العلاقات التي يجب ألا تقتصر على الجانب الرسمي بل للاهلي والحزبي مكان فيها، فلنا هنالك أصدقاء من الضروري أن يحظوا باهتمام أكبر.