كتب حيمي شليف في هأرتس مقالاً يوم 4/7/2014 ، قال فيه إن ما يجري ضد الفلسطينيين ، شبيه بما كان يحصل لليهود في برلين المسيحية على أيدي النازيين ، ويقول أنه ولد لأبوين ، فقدا غالبية أقاربهم في المذبحة ، ولم يكن هو قد وُلد بعد ، عندما وقع " الهلوكوست " ويقول :
" عندما أرى كتائب عنصرية يهودية تركض في شوارع القدس ، وهي تهتف " الموت للعرب " ، ويعثر أفرادها على عرب ، فيطاردوهم في وضح النهار ، كالحيوانات المفترسة ، ويضربوهم فالتداعي يكون شبه تلقائي " بين ما جرى لليهود في الثلاثينيات من القرن الماضي في أوروبا ، وما يجري اليوم ضد الفلسطينيين " ، وأن يقوله إسرائيلي يهودي ، خيرٌ من أن يقوله أو يصفه أخر ، وهو دلالة على حجم المعاناة التي يتعرض لها العربي الفلسطيني على أيدي الصهاينة والفاشيين والمستوطنين النازيين ، مما دفع بمعلق إسرائيلي لأن يقول ما قاله ، ويصف مدى معاناة الفلسطينيين .
وخلاصة ما وصل إليه الكاتب ، لا تعتمد فقط على مشاهداته ، بل عما يفكر به البعض ، ويكتبه ، وها هو حيمي شليف ، يعتمد على تأكيد النزوع الأرهابي والمتطرف لدى قطاع من اليهود ، إعتماداً على ما كتبه بصراحة ديفيد روبين ، رئيس بلدية شيلو السابق بقوله :
" الطريق الوحيد للإنتصار في الحرب ، هو تصفية العدو ، دون التعاطي مع من هو الجندي ، ومن هو المدني ، ولكن لا حاجة لنا لأن نشعر بالذنب عندما نخرق سكينة الحياة ، نجرح أو نقتل مدنيي العدو ، الذي يكاد يكون جميعهم من مؤيدي فتح وحماس " .
ما يفعله المستوطنون الأجانب والمهاجرون من بلدان مختلفة ، بحق الشعب العربي الفلسطيني ، فاق ما فعله المستعمرون الأجانب البيض في جنوب إفريقيا ، لأن ما فعله النازيون ، ضد الطوائف اليهودية في أوروبا ، في أكثر من بلد أوروبي ، يُعتبر في نظر اليهود ، النموذج الأعلى في التطرف والعنصرية وسحل البشر ، وها هو حيمي شليف يؤكد من خلال المشاهد التي يراها ، ضد شعبنا العربي الفلسطيني ، أنها تصل إلى مستوى ما فعلته النازية بحق اليهود ، من قتل وإضطهاد وحرق .
ولكن إذا كانت الصهيونية ، وفلسفتها ، وكتابها وقياداتها السياسية ومفكروها ، يكنون العداء للعرب وللمسلمين وللمسيحيين ، فنحن لا نكن العداء لليهود ، لأنهم يهود ، وهذا يعود لأكثر من سبب :
أولاً : لأن بعضاً منهم جزء من شعبنا العربي الفلسطيني ، عاشوا كما عاش باقي الفلسطينيين من المسلمين والمسيحيين بنفس الظروف والأوضاع على أساس الأخوة والمساواة والمواطنة المتساوية ، على قاعدة أن الدين لله والوطن للجميع .
ثانياً : كان اليهود أيضاً ولا زال بعضهم جزء من الشعوب العربية ، في المغرب والجزائر ومصر وما بينهم ، وفي سوريا ، والعراق واليمن ، ولم يسجل التاريخ حوادث إضطهاد لليهود بين العرب ومن قبل العرب .
ثالثاً : إن اليهود أسوة بالمسلمين والمسيحيين أصحاب ديانة سماوية ، لها إعتبارها وإحترامها في عقيدتنا مثلهم مثل المسيحيين .
صراعنا مع الحركة الصهيوينة ، كحركة سياسية إستعمارية توسعية عنصرية ، لا تشمل اليهود ، فالأغلبية اليهودية في العالم لم تتجاوب مع الأهداف الصهيونية ، ولم يرحلوا إلى فلسطين ، وهو تعبير عن فشل الصهيونية في دفع كافة الطوائف اليهودية في بلدان العالم للهجرة إلى فلسطين ، على حساب أهل فلسطين العرب المسلمين والمسيحيين ، سواء تمت هذه الهجرة هرباً من المذابح النازية والإضطهاد المسيحي الأوروبي ، أو بحثاً عن ظروف أفضل للحياة ، أو تعكس أطماعاً إستعمارية ، أو نزوعاً أيديولوجياً ، فالشعب الفلسطيني قاوم الصهيوينة ومعها الإستعمار البريطاني اللذين عملا وتعاونا ، على إفقار الفلسطينيين ، وتضييق فرص الحياة أمامهم ، وطردهم ، لإنشاء الوطن القومي للمهاجرين الأجانب اليهود على أرض الفلسطينيين ووطنهم ، وهذا هو مصدر الصراع وأساسه ودوافعه ، وليس لإسباب دينية ، أو دوافع عقائدية ، بل هي وطنية خالصة وبإمتياز .
ما يفعله جيش الإحتلال من جرائم بحق شعبنا في قطاع غزة ، في تدمير مظاهر الحياة ، وإشاعة الموت ، ليس جديداً ، بل هو محطة في سلسة متواصلة ، لفصل الإنسان الفلسطيني عن وطنه وأرضه فلسطين ، وجعلها طاردة له ، وهو بالتأكيد لن يفلح ، ولن ينجح ، وسيندحر ، فالموت والإجرام والقتل والمجازر الجماعية ، فعل صهيوني يهودي إسرائيلي بإمتياز ضد الشعب العربي الفلسطيني ، وشواهده كثيرة ومتعددة ، يصعب حصرها ، من كثرتها وطيلة سنوات فعلها ، ولكنها في قطاع غزة ، مميزة عنيفة ، متعددة ومتكررة أكثر مما حصل في مناطق فلسطينية أخرى ، فقد تعرض أهل قطاع غزة لمجازر وإنتهاكات وقتل وإحتلال في سنوات 48 و56 و67 وفي نضالات المقاومة الفلسطينية في السبعينات وإستشهاد زياد الحسيني وغيفاراً غزة ، وخلال إنتفاضتي 87 و 2000 الباسلتين ، وفي معركة عمود السحاب 2008 ، وفي الرصاص المصبوب 2012 ، وها هي تتجدد بعنف وشراسة وإجرام أقوى في معركة الجرف الصامد 2014 ، والسبب يجب أن يتذكره كل فلسطيني ، وكل عربي ومسلم ومسيحي ، وهو أن قطاع غزة هو أصل الثورة الفلسطينية المعاصرة بدءاً بقادة فتح الشهداء ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف وكمال عدوان وأبو يوسف النجار ، مروراً بقادة حماس أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وغيرهم من الأفذاد الذين أرغموا شارون على ترك غزة والرحيل عنها عام 2005 .
شعب غزة ، هو شعب فتح وحماس ، وشعب الجهاد الإسلامي ، إلى جانب الشعبية والديمقراطية والشيوعيين ، هو شعب ياسر عرفات وأحمد ياسين ورمضان شلح ، ولذلك يستحق العقوبة من قبل العدو الإسرائيلي لأنه غزير الإنتاج والوعي والتضحية في مواجهة مشروعه الإستعماري العنصري ، مثلما يستحق الإنتصار على هذا العدو لأن قضيته عادلة ويتفانى من أجلها ، ويستحق الحياة في فلسطين ، لأن فيها ما يستحق أن نحيا ونعيش ، فيها ولها وعلى أرضها .
الصراع على الأرض ومن أجل الوطن/ بقلم حمادة فراعنة
28-08-2014
مشاهدة: 876
حمادة فراعنة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها