فجوة كبيرة واجهت ابناء الشعب الواحد وكأنهم من كوكبينمختلفين يفصلهما محتل غاشم. بعضهم يعيش بفتور على أمل اللقاء وبعضهم فقد الأمل بكلمن حوله من جمهور الساسة وفيما بينهم جمهور آمن بقوة بأن لا حياة مع اليأس.

غزة والضفة الغربية عنوانان لجغرافيا الجشع الآدمي،مزقتهما جغرافيا النكبة منذ عقود ليعود أبناء اللحم والدم الواحد ليمزقاهما معنوياوميدانيا بصورة أكثر إيلاما.

لكن البعض القليل لم يصل إلى الحد الأخير من طلاق الإخوةفبات يبقي على ما تبقى من أحلامه آملا في أن تجمع الأيام ما صمد من بقايا الوطن.

ومهما حاولنا تجميل وتبسيط الأمور إلا أننا وفي قرارةأنفسنا نعرف أن مشاعرنا ووجداننا لم يقبلا بالانقسام ذات يوم لكننا عدنا وتعايشنا معه،واليوم لا نقبل بالانفصال لكنني أخشى أن نصل إلى حد نتعايش معه أيضا ونصل إلى حدودالقبول به عندما نساهم بصمتنا أو عنادنا أو مواقفنا في الوصول إلى ما يخالف ما نشأتوتطورت وضحت من أجله الحركة الوطنية الفلسطينية ومسيرتها النضالية.

الفائز الأكبر طبعا في معادلة الانفصال والساعي له والمحرضعليه هو الاحتلال الذي يستكمل اليوم أركان مشروعه بفصل القطاع واستكمال بناء جدار الضمالعنصري والإعلان عن الانسحاب أحادي الجانب والضغط على الأردن لإدارة ما تبقى من كانتوناتمعزولة في الضفة الغربية.

المشروع هذا سينقل الاحتلال من كونه صانعا للنكبة إلىأن يصبح مهندسا صريحا للكارثة!

الناس في غزة وعندما تحدثهم يشعرونك باليأس، لكنهم حقيقةويإيجابيتهم المعهودة تواقون لإنهاء الانقسام وغالبا ما يبقون على حيز الأمل. حصارهمالمعنوي أكثر وأكبر من حصارهم الاقتصادي الذي تنهيه الأنفاق التي يمر منها كل ما يخطرعلى بال إنسان.

لهذا فإن مساحة الأمل تضيق في كل يوم يطول فيه الانقسام.لذا أخشى لنكتة قيلت ذات يوم بأن الفلسطيني محظوظ بكونه خاض تجربة السلام بحثا عن دولتينففاز بثلاث..، أن تصبح مسؤولية.

إنني لا أكتب هذه السطور للمزاودة أو بغرض تسجيل النقاطعلى أحد بل لأقول وأنا لست متهربا من المسؤولية بأن علينا أن نأخذ خطوة كبيرة إلى الوراءونراقب المواقف والتصريحات الإسرائيلية والإقليمية ونراجع قائمة الداخلين عبر معبررفح من ضيوف وزوار ومتضامنين حتى نعرف إلى أين تسير الأمور.. فاللبيب من الإشارة يفهم!

إن كل يوم يمر دونما حلول للشقاق الفلسطيني الفلسطينيدونما أفق يعني أننا بتنا اكثر قربا من انفصال غزة ودمار آمالنا وطموحاتنا... فهل نتعظ؟