عملية خطف المستوطنين الثلاثة (إن كانت الرواية صحيحة، وليست مسرحية نتنياهوية) يوم الخميس الموافق 12 من شهر حزيران الحالي في محيط مستعمرة "غوش عتصيون" وضمن السيطرة الامنية الاسرائيلية الكاملة، تكشف عجزا إسرائيليا كبيرا، وتشير الى ان القوة العسكرية، التي تتفاخر بها دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، والارهاب المنظم والدائم ضد ابناء الشعب الفلسطيني، وكل اساليب القهر والعدوان والانتهاكات، باتت عبئا على الحكومة اليمينية. لان القوة لا تقاس بحجم الاسلحة من مختلف الانواع والحجوم، بل بمدى الاستخدام الأمثل لها من قبل القائمين عليها.
دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية وجيشها وأجهزتها الامنية، تعاني من تضخم هائل في التسلح والقوى البشرية على حد سواء، غير انها تعاني اسوة بكل دول العالم، بل اكثر من غيرها بسبب إحتلالها الطويل، من التضخم والاستهتار في آن؛ ويعاني قادتها وجنودها وقطعان مستعمريها من الغرور والاستخفاف بقدرات ابناء الشعب الفلسطيني؛ لا بل ان إسرائيل تفترض ان مكونات هذا الشعب استكانت لمنطقها، ونسيت او بالاحرى تناست ان شعبنا يعيش تعددية واختلافات في الرؤى ووجهات النظر في الصراع واشكال الكفاح وآليات التعامل مع الاحتلال بهدف تحقيق الاستقلال.
بعيدا عما تقدم، فإن إسرائيل عاشت، وتعيش حالة تقصير فاضح في حماية مستعمريها وجنودها، كيف ؟ ولماذا؟ اولا: وصلت انذارات امنية للاجهزة الاسرائيلية عن تنفيذ عمليات اختطاف للجنود بالعشرات، ولم تتخذ اية احتياطات لدرئها؛ ثانيا: قام احد المستوطنين بابلاغ الشرطة الاسرائيلية مباشرة عن اختطافه، وأبقى جواله مفتوحا لوقت من الزمن، غير ان قوات الاحتلال استهترت بالبلاغ، مدة خمس ساعات طوال حتى استيقظت على عملية الخطف، وضاعت آثار الخاطفين والمخطوفين؛ ثالثا: حالة الاسترخاء والاطمئنان الزائد في اوساط مستعمريها، حتى صدقوا انهم يسيطرون على الارض والسكان؛ رابعا: زيادة عدد المستعمرين الصهاينة، هيأت لهم بأنهم القوة المقررة على الارض، فتمادوا في غطرستهم وعنصريتهم وعدوانيتهم ضد ابناء شعبنا، وتناسوا، ان هذه الارض لأصحابها، وان وجودهم طارئ ومؤقت، ومع زوال الاحتلال، هم زائلون مهما ادعوا من اكاذيب وافتراءات على الحقيقة؛ خامسا: افتراضهم ان عمليات البطش والتنكيل المتواصلة ضد ابناء الشعب الفلسطيني من مصادرة وتهويد واعلان عطاءات وتغيير معالم القدس واعتقال وحواجز وتجريف للاراضي وهدم البيوت وسحب الهويات من المقدسيين وقتل للمواطنين والاطفال خصوصا على "الفاضي والمليان"، يمكن ان تحول دون دفاع الفلسطينيين عن انفسهم، كان افتراضا غبيا ويعكس عقلية سياسية سطحية؛ سادسا: أيضا الاعتقاد ان التنسيق الامني مع المؤسسة الامنية الفلسطينية، يعفيهم من تحمل مسؤولياتهم تجاه مستعمريهم، فيه قراءة خاطئةوساذجة، لان الفلسطينيين، وهم يؤكدون رغبتهم بمواصلة التنسيق، فإنما ينسقون لحماية مصالح شعبهم، وليس العكس.
عملية الخطف للمستوطنين الثلاثة، تكشف ايضا بؤس المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، لان احد المختطفين من كتيبة النخبة، والاخرين منتسبون للمؤسسة الأمنية الاسرائيلية، وهو ما يظهر عن خواء في التدريب والكفاءة القتالية، ويؤكد ان المحتل مهما ملك من السلاح والذخائر فهو جبان ومهزوم من الداخل، والعكس صحيح للفلسطيني المدافع عن هويته ومشروعه واهدافه الوطنية.
الورطة الاسرائيلية الناجمة عن عملية الاختطاف للمستوطنين الثلاثة، تستدعي من القيادة الاسرائيلية استخلاص الدروس والعبر، واولها التوقف عن سياسة الاحتلال؛ والعمل سريعا على العودة لجادة المفاوضات، والوصول باسرع وقت ممكن لترسيم الحدود بين الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار 194، والافراج عن اسرى الحرية جميعا. غير ذلك من سياسات ارهابية لن تجدي اسرائيل نفعا.
التقصير الاسرائيلي/ بقلم عمر حلمي الغول
21-06-2014
مشاهدة: 803
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها