بقلم: ابو ربيع السعدي

اثار خطاب الرئيس ابو مازن امام وزراء خارجية دول منظمة "التعاون الإسلامي" في جدة (١٨حزيرات) ردود فعل سلبية وغاضبة من كثير من الفصائل و القوى السياسية الفلسطينية ولاسيما من حركة حماس.

بداية لابد من التأكيد على ان الديمقراطية الفلسطينية بما هي تقاليد وقيم و أيضاً نظام حكم تسمح بتعدد الآراء و الاختلاف، الا ان الديمقراطية ذاتها تتطلب أفعالاً و مواقف على قدر عال من المسؤولية تأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية العليا لكافة أطياف الشعب الفلسطيني، ولا تدخلها في حسابات و سياسات و مصالح فئوية فصائلية ، منذ الانقسام و حتى اتفاق المصالحة الأخير في "الشاطىء " غزة، كنا نؤكد على أولوية الاتفاق السياسي على ما عداه، الا ان الطرفين ركزا على الجوانب الداخلية (موظفين- دمج القوى الأمنية- انتخابات الخ) و لم يتناولا المواضيع السياسية،مما يجعل السياسة المعتمدة من قبل السلطة و المنظمة هي السائدة الى حين الاتفاق على خيارات سياسة اجتماعية اخرى، و هنا لم يخطىء الرئيس ، بل واصل هجومه السياسي و اندفاع الدبلوماسية الى الحدود القصوى ، واستطاع ان يحيد ويستميل مواقف غربية ( اميركا اساساً) داعمة نوعاً ما، وتوصل الى اتفاق مصالحه شكل قنبلة هجومية بوجه التعنت الإسرائيلي الى ان جاءت عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة لتعيد رسم اللوحة بوجه اخر ، و تستعيد اسرائيل نوعاً من التعاطف الدولي الغربي ، وتتمكن من أعادة تكتيل الرأي العام الاسرائيلي وتصليب الائتلاف الحكومي بعد ان كان في مرحلة التصدع و التفكير بخيار الانتخابات المبكرة.

لا يمكن لأي فلسطيني ان يتبرأ من اي عمل مهما كان يؤدي في نهاية المطاف الى تحرير الأسرى لكن المطلوب أيضاً إيجاد استراتيجية موحدة تضمن ان يؤدي العمل في نهاية المطاف الى تحقيق الأهداف ، لا ان يكون معبراً لتدمير إنجازات متراكمة دون اي نتيجة واضحة.

الى ان تتوضح وقائع عملية الاختطاف وافاقها المحتملة، لابد من مواصلة سياسة الهجوم الدبلوماسي الفلسطيني والتأكيد على الثوابت الوطنية والأصرار على الشروط الفلسطينية لمواصلة العملية السياسية و المفاوضات ، دون ان نعطي اي ذريعة للإسرائيليين للهروب الى الامام ، و العمل على تحويل عملية اختطاف الجنود من انتصار فلسطيني الى هزيمة، هنا تنوع الآراء الفلسطينية و الإصرار على العملية السياسية بكل ابعادها و مظاهرها و من ضمنها التنسيق الأمني هي ورقة قوة فلسطينية ليس خدمة للمصالح الوطنية فحسب ، بل ولعملية الاختطاف نفسها٠ ان الآراء المتطرفة الإسرائيلية و التي تصدر عن الأحزاب والاعلام وأوساط الرأي العام الاسرائيلي والتي وصلت حداً يدعو الى قتل الفلسطينيين لا تجابه بالعناد و التصلب، إنما بمواصلة السياسة الدبلوماسية الهادئة و الأصرار الفلسطيني على مواصلة عملية السلام لنحول الهزيمة الأمنية الاسرائيلية الى هزيمة سياسية أيضاً ولمنعها من الاستغلال.

ابو مازن بخطابه- غير الشعبي ربما - إنما يواجه الإسرائيليين فقط وكفى افتراءً