"لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَأُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًاوَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ " صدقالله العظيم

يعيش شعبنا الفلسطيني في هذه الأيام تفاصيل مأساة مجزرةصبرا وشاتيلا التي خطط لها وقادها رئيس حكومة العدو الإسرائيلي أرائيل شارون،ورئيس الأركان رافائيل إيتان، ودروري قائد المنطقة الشمالية، والمجزرة التي تمتكانت بقرار من الحكومة الإسرائيلية التي اجتمعت في 15-9-1982 وأقرَّت هذا الحدثالمرعب الذي راح ضحيته حوالي خمسة آلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، مورستبحقهم أقذر وأسوأ ما تفتقت عنه العبقرية العنصرية الإجرامية فولغت أيديهم في دماءالأبرياء المدنيين العُزَّل من السلاح، دخلوا البيوت في شاتيلا وصبرا ليلاً يحملونالسيوف والسكاكين والبلطات، فذبحوا الأطفال، وبقروا بطون النساء، واغتصبوا الفتياتثم قتلوهن، وقطَّعوا الأطراف، وكبَّلوا الشبان في المارش الأخير ثم أطلقوا النارعليهم، ثم خطفوا المئات من الشبان في شاحنات نقلتهم إلى جهة مجهولة ليتم قتلهمبعيداً عن المخيم لأنَّ المخيم لم يعد يتسع لأكوام الجثث. ثلاثة أيام من 16-9-82ولغاية 18-9-82 والذبح لم يتوقف ، ولإخفاء الجريمة سارعوا إلى  إدخال الجرافات لحفر الخنادق وإلقاء الجثثفيها، وبعضها كان مازال حياً، وفي مكان آخر جمعوا الجثث وأهالوا الركام فوقهم،الضحايا فلسطينيون ولبنانيون وسوريون. وآلة القتل والإجرام لم تنسَ مستشفى عكا حيثتم الإغتصاب بحق الممرضات، وقتل الممرضين والأطباء والمرضى، ولم يفلح الصليبالأحمر الدولي في حماية المدنيين.

لقد جاءت هذه المجزرة عقاباً دموياً لأهلنا في صبرا وشاتيلاعلى الصمود الفلسطيني اللبناني الذي شهدته العاصمة بيروت على مدى ثلاثة أشهر حالدون إحتلال قوات الغزو الإسرائيلي لهذه العاصمة العربية. هُزِم شارون وجرَّ أذيالالخيبة، لكنه لم يجد أمامه سوى الأطفال والنساء لينتقم منهم بعد خروج القواتالعسكرية.

إنَّ ما حدث هو وصمة عار في جبين المجتمع الدولي الذيوقف متفرِّجاً بل متواطئاً مع الإحتلال الإسرائيلي، وتخلى عن كل الوعود والتعهداتوالإتفاقات التي أُبرمت بإشراف فيليب حبيب المندوب الأميركي. وكان المطلوب منالقوات الدولية الأميركية والفرنسية والإيطالية تأمين الحماية للمدنيينالفلسطينيين، وعدم السماح بإحتلال العاصمة بيروت، وهذا ما أصرَّ عليه الشهيد الرمزياسر عرفات قبل الخروج، وللأسف فإنَّ هذه القوات الدولية تواطأت وانسحبت لتفسحالمجال أمام شارون وزمرته واتباعه لارتكاب مجزرة هي من أفظع المجازر في العصرالحديث، وهي العصابة نفسها التي ارتكبت مجزرة تل الزعتر في العام 1976 والتي ذهبضحيتها قرابة السبعة آلاف من المدنيين العُزَّل.

إنَّ الأمر لا يتوقف عند حدود المجزرة بما ذكرنا، ولكنللأسف أنَّ المجتمع الدولي لم يحاول تشكيل لجنة تحقيق لإدانة مرتكبي الجريمة،وإنما لاذ بالصمت وكأنَّ دماءنا ماء، أو كأنه من حق العصابات الصهيونية قتلالأبرياء والتلذذ بفنون الانتقام. وحدها الحكومة الإسرائيلية تحت ضغط أربعماية ألفمتظاهر في تل أبيب قامت بتشكيل لجنة تحقيق على رأسها كاهان، وهذ اللجنة اكتفتبتحميل شارون المسؤولية الكاملة ومعه رافائيل إيتان، وطلبت إعفاءهما من مهامهما،لكنها لم تعاقب أحداً. وشارون أكد أنه نفَّذ ما أقرَّته الحكومة الاسرائيلية.

في هذه المناسبة الأليمة لا بد أن نوجِّه التحيةوالتقدير لأهلنا في صبرا وشاتيلا على صمودهم وتحملهم هذه المآسي والمجازر، وصبرهموإصرارهم على مواصلة مسيرة الكفاح الوطني مهما كانت المعيقات.

إننا نؤكد أنَّ الوفاء لشهداء صبرا وشاتيلا وتل الزعترولأهلهم لا يكون إلاَّ بتجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الإنقسام الحاصلوالذي لا يخدم سوى العدو الإسرائيلي، ومشاريعه السياسية القائمة على تفتيت الصفالفلسطيني وإنهاكه وإدخاله في صراعات حادة تسمح له بتفنيذ خطط الإستيطان والتهويدوالسيطرة على ما تبقى من الأراضي المحتلة العام 1967، وفرض السيطرة الكاملة علىالقدس بعد أن تم خنقها بالمستوطنات، والحفريات، وبناء الكُنُس والساحات علىالأراضي المقدسية.

في هذه الذكرى فإننا في حركة فتح ندعو مختلف القوىالفلسطينية في مخيمات لبنان إلى التوافق على كل ما من شأنه أن يوحِّد موقفنا، وأنيصلِّب أوضاعنا الداخلية الإجتماعية والأمنية، وأن ننبذ ونرفض كل أشكال الفتن التييصطنعها البعض تحت عناوين مختلفة لإبقاء التوترات ساخنة، ونحن نراهن على الأوفياء،والعقلاء، والأتقياء، والأنقياء وأهالي الشهداء لنكون يداً واحدة في بناء مجتمعناالفلسطيني القادر على حمل مسؤولياته الوطنية، وحماية أبنائه، وكرامة نسائه، وحتىلا تتكرر المآسي. ونحن نؤكد بأننا جزء لا يتجَّزأ من السلم الأهلي اللبناني، ونحنحريصون على الاستقرار والامن الإجتماعي، وما يتطلبه ذلك من عدم زج المخيمات في أيةخلافات لبنانية داخلية إيماناً منا بأن طاولة الحوار اللبناني كفيلة بإيجاد حلوللكافة المعضلات القائمة.

إننا في هذه المناسبة نؤكد إدانتنا واستنكارنا للإساءةالتي أبرزها الفيلمُ الأميركي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والإستهانة بأمتناالإسلامية، وبعقيدتنا، وبمقدساتنا، ونحيي أبناء هذه الأمة الذين انتفضوا محبةًلرسولهم الكريم، وحمايةً لدينهم الحنيف. ونؤكد بأن هذه الإهانة متوقعة من أعداءالله ورسوله، ومن الصعب أن تتوقف، والردُّ الأقوى يكون بتوحيد الأمة، ووضع الخططللمواجهة المؤثِّره بحيث يكون الرد مدروساً وموضوعياً بعيداً عن العفوية لأننانواجه عملاً صهيونياً هو جزء مما يجري من تدنيس للمسجد الأقصى، وللحرم الابراهيمي،ومن حرق المساجد والكنائس في الضفة الغربية.

المجد والخلود لشهدائنا الابرار

الحرية لأسرانا البواسل الذين يتحدون سطوة الجلاد فيالمعتقلات والزنازين.

التحية لابناء شعبنا المكافح المجاهد في الداخل والشتات.

 

حركة "فتح" اقليملبنان

مفوضية الاعلام والثقافة