بعد يوم حافل من الاحتجاج لابد من شكر أولئك النشامى الذين وقفوا في زوايا الوطن ومناطقه على امتدادها يمارسون حقهم الطبيعي في الاحتجاج السلمي الهادئ المسؤول وعادوا ليزيلوا ما ترتب على احتجاجهم او اعتصامهم من ورقة هنا أو حجر هناك.

وأولئك النشامى الذين رأيناهم في كل موقع يتحدثون ويشرحون لكل من يريد أن يلقي حجرا أو يحرق إطارا بأن فعلته هذه ليست من شيمنا ولا من ثقافتنا فيتفاعل الشارح والفاعل بطريقة حضارية وينتهي المشهد تماما كما عودنا الفلسطيني في غيرته على وطنه وحرصه على ما بناه من ماله ومن ضرائبه ومن مساهماته وتضحياته المالية والمعنوية، أو ما بني باسمه وباسم ثورته ومقاومته وصموده وجرحاه وأسراه وشهدائه.

نعم.. من يبني مكتسباته لا يدمرها، والاحتجاج حق لكن التخريب باطل، وحضارية الفلسطيني ليست موسمية، ومواقفه كمسؤول لا يمكن تعليقها، وإناء الخير بما فيه ينضح، وصاحب العزة والأصول لا يقيل قيمه ولا يسمح لأخلاقه أن تخرج في إجازة... كلنا مسؤول وكلنا راع وكلنا أب أو أخ في وطن غدرته أحلامه ونكل فيه وبه محتله بصورة لا تسمح لنا لا بالجوع ولا بالركوع أن نهزمه أو نهدمه.

تحية لمن شاهدتهم في بير زيت والعبيدية والخليل وبيت ساحور وقلقيلية وطولكرم وحوارة ونابلس ورام الله والقائمة تطول.. من مسؤولين وصحفيين وموظفين وكتاب وفنانين ومصورين ومعلمين ومتقاعدين ومعهم كثير من المحتجين .. ممن ترجلوا من مركباتهم الخاصة وشمروا عن سواعدهم وأزاحوا الحجارة وأطفأوا الإطارات المشتعلة ونظفوا الشوارع ورفضوا أن تأكل النار وجدانهم ونتاجات عرقهم.

لقد أسعدني ما قرأته من ردود الأفعال الناضجة والتي رفضت الإساءة والتعرض للمتلكات العامة. وكم استغربت ما قاله أحدهم على حائطي على الفيسبوك في معرض تعليقي على حضارية الاحتجاج بالقول بأن هناك مبالغة في الحديث عن التخريب لأن حرق الإطارات في الشوارع وعلى مداخل المدن ليس تخريبا. أوننتظر حتى يعم التخريب الوطن حتى نبدء مجتمعين في الحديث عن ضرورة الحفاظ على ما حولنا من بنا تحتية وشوارع وعمارات ومؤسسات؟!.

نعم الاحتجاج حق لكن التخريب باطل لأننا لم نعتد ان نقتل انفسنا بأيدينا وأن ننحر ذاتنا بذاتنا. نعم المسؤولية مطلوبة.

أما الحلول العاجلة والخلاقة فهي أيضا مطلوبة وبصورة لا تحتمل التأخير. فلا الكلام ولا الشعار ولا النوايا ولا الوعود سينتظرهم الناس إن تأخر ترجمتها إلى أفعال. نعم حلول قبل أن يصبح النشاما أقلية أمام المتربصين باغتيال الوطن...!