مع كل انكشاف جديد لصعوبة أوضاعنا الفلسطينية الراهنة, ومع كل عربدة جديدة في السلوك السياسي الإسرائيلي ضد شعبنا وسلطتنا الوطنية وقيادتنا الشرعية, ومع كل وصول لخطر حقيقي يهدد قضيتنا ومنجزاتنا الوطنية, التي راكمناها عبر السنوات الصعبة, بنضالنا المجيد, وتضحياتنا الكبرى, والدماء الغالية, يدوي السؤال القديم الجديد :
كيف نجتاز المخاضة الصعبة ؟؟؟
وكيف نواصل الاندفاع نحو الهدف المقدس ؟؟؟
والهدف الذي نسعى إليه, هو هدف كبير مهما حاول بعض الجاهلين أو الحاقدين تصغيره, إنه هدف انبثاق كياننا الوطني من جديد فوق أرضنا الفلسطينية, وليس في سيناء ولا في أي بديل آخر, وانبثاق القدس عاصمتنا الأزلية, وليس الشيخ زويد ولا أي مدينة أخرى, ولملمة هويتنا الوطنية مهما كان الشتات بعيدا .
منذ البداية :
قلنا في حركة فتح, وفي منظمة التحرير الفلسطينية, وفي الثورة الفلسطينية المعاصرة, أن هدفنا الكبير, هو أكبر وأقدس من أي شيء أخر, وأن طريقنا إليه صعب للغاية وليس وجهة مسلية, وأن أعداءنا الإسرائيليين وحلفاءهم الكبار في العالم, هم أعداء أقوياء متمكنون في هذه الأرض, ولكننا نستطيع أن نكون ندا لهم وأن نصارعهم, وأن نشتبك معهم, وأن نأخذ حقوقنا من بين أشداقهم الدموية, بفضل عدالة قضيتنا, وبفضل صبرنا العظيم, ووحدتنا الوطنية الصلبة, وقدرتنا العبقرية على البقاء .
في الشهريين القادمين من هنا حتى تنتهي الانتخابات الأمريكية, ويعرف من هو الذي سيجلس في البيت الأبيض فإن أيامنا ستكون صعبة, والمحتلون الإسرائيليون كشفوا عن كل عدائهم بلا رتوش, وكشفوا عن خوفهم الذي يصل إلى حد الذعر الهستيري من مصداقية قيادتنا الشرعية ممثلة بالرئيس أبو مازن, كما كشفوا عن رغبتهم المجنونة في سد وإغلاق الطريق أمام حقوقنا العادلة بالتهديد والترهيب وتفجير الأرض حمما تحت أقدامنا, وجعل أيامنا كلها أياما صعبة لعلنا نخاف فنرتدع, أو نرتبك فيتوه الطريق من تحت أقدامنا, أو ننكص على أعقابنا, فيتحول الحلم المقدس الجميل إلى سراب!!!
هذا وقت الشدة !!! نعم.... حتى ان إسرائيل من أعلى مستوى في قيادتها السياسية, إلى أصغر مستوطن في قطعان مستوطنيها, يفتحون النيران الحية على صدورنا, ويرفعون جدران العنصرية والكراهية والحقد في وجوهنا, ويصرخون بهستيريا الكراهية بأن كل تفاصيل حياتنا مباحة أمام عدوانهم حتى لا نتقدم إلى الأمام, وحتى تنكسر إرادتنا فنعود إلى الوراء مجروحين .
لن يحدث هذا مطلقا, وما يخطط له نتنياهو على رأس ائتلافه الذئبي إن هو إلا محض وهم وجنون, فإنا إلى هدفنا المقدس, هدف إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ذاهبون, وإلى الأمام في طرق أبواب الأمم المتحدة ومجلس الأمن دون كلل أو ملل, اليوم وغدا وبعد غد, لا تخبو عزيمتنا ولا تلين, متمسكين برؤيتنا للسلام الحقيقي المبني على نيل حقوقنا, لا نحيد عن هذه الرؤية ولا نهون .
هذا وقت الشدة, وهذا وقت الصمود أيضا, حيث إرادتنا التي فجرت ألوانا خارقة من النضال, وأشكالا عبقرية من الصمود, هي الآن مستنفرة إلى الذروة, وهذا الاستهتار غير المسبوق من قبل دولة الاحتلال إسرائيل, وقياداتها, وأدواتها, يحفزنا ويقوي عزائمنا, وهو استهتار سيضر بأصحابه المتطرفين, وهم يعرفون تمام المعرفة أننا جربناهم وجربونا, وعركناهم وعركونا, ونحن لا نستجيب حين يريدون إرهابنا, ولا نولي الأدبار حين يحاولون إخافتنا أو الضغط علينا وإكراهنا على ما لا نحب ولا نرضى .
و في هذه المواجهة الطاحنة, فإنه يتوجب على جميع الأطراف الفلسطينية الآن أن تراقب تصرفاتها, وأن تعيد حساباتها, وأن تتخلص من أوهامها, وأن تكون دقيقة في كلماتها, وأن لا تتهاون حتى لا يجد البعض نفسه في السياق المعادي, يخدم الأعداء بالمجان, فوقت الشدة هو نفسه وقت الدقة في الحسابات, ووقت الاحتشاد الوطني, وقت العض على الأصابع والشد على البطون .
المعركة مفتوحة مع هذا الاحتلال, مع سياساته, مع سلوكيات العربدة والعدوان والتهديدات والجرائم !!! ولكننا صمدنا في الأوقات الأصعب, وواصلنا في الزمن الأخطر, وامتلكنا الرؤية وسط الضباب والأنواء العاصفة, وقلنا دائما ان فلسطين هي وحدها أول الكلام وآخر الكلام .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها