بحسب التقاريروالمعلومات، فإن دولة الاحتلال أنذرت أصحاب سبعة وعشرين منزلا في سلوان، بأن هناك قراراتهدم صادرة من الحكومة الإسرائيلية لبيوتهم من مجموع ثمانية وثمانين منزلا، تفكر حكومةنتنياهو في هدمها في حي البستان، جنوب المسجد الأقصى، لإقامة مشاريع استيطانية مكانها!والحال أيضا، هو نفسه في بلدة يطا جنوب الخليل حيث تقوم حكومة نتنياهو بتهديد سبعةآلاف مواطن بالطرد من المنطقة التي يعيشون فيها لصالح الزحف الاستيطاني، حيث أصبحتمنطقة يطا محاطة بأكثر من خمس عشرة مستوطنة إسرائيلية. إنه جنون الاستيطان الإسرائيلي،إنه السباق الإسرائيلي المحموم مع الزمن، حيث تستنفر حكومة نتنياهو بنوع من الهستيرياكل جهودها لاستكمال مشاريع الاستيطان والتهويد، مستفيدة من العوامل التالية :العاملالأول : جمود الموقف الأميركي، وانعدام المبادرات الأميركية في سنة الانتخابات الأميركيةالتي تستمر حتى بداية العام المقبل، حين يجلس الرئيس المنتخب في مكتبه البيضاوي فيالبيت الأبيض، وتحت سقف هذا الجمود الأميركي، فإن الاستيطان الإسرائيلي يزحف لالتهامأرضنا، ويفرض الأمر الواقع، وجوهر هذا الأمر الواقع أنه لا مكان لدولة فلسطينية مستقلةمتواصلة وقابلة للحياة. العامل الثاني : أنه يصعب في هذه المرحلة حشد الجهد العربيبشكل مؤثر، في ظل تداعيات الربيع العربي أو الاعصار العربي، فالكل مشغول بالحريق الذييتهدد بيته، وخاصة أن أحداث الربيع العربي كما نراها تتجه في بعض الأحيان إلى منحدراتخطيرة، ورأينا كيف أن اللعبة في مصر، وهي القاعدة الأولى للاستقرار العربي، وصلت إلىحد استهداف الجيش المصري نفسه، الذي هو أكبر مؤسسة عسكرية قوية ومترابطة في المنطقةبأسرها، وله تلاحم وإيمان وتقدير من قبل الأغلبية الساحقة جدا من أبناء الشعب المصري،ومع ذلك فقد ذهب بعض المأجورين والموتورين والأغبياء والأدوات العمياء لكي يهاجمواوزارة الدفاع في ميدان العباسية، تحت مبررات يطلقها أصحابها، وهي مبررات واهية، وزائفة،ومشبوهة، تضع أصحابها في نفس درجة الأعداء، والحمد لله أن الجيش المصري هو جيش قوي،وأن المؤسسة العسكرية المصرية هي مؤسسة قوية ومترابطة ومتكاملة وتحتل في حياة الشقيقةمصر موقعا لا يجرؤ أن ينافسها عليه أحد. وبطبيعة الحال: فإن عدم القدرة على حشد الموقفالعربي في ثقل مؤثر، معناه أن موقف المجتمع الدولي سيظل على حاله، من جهة يؤكد بطلانالاستيطان الإسرائيلي وعدم شرعيته، ومن جهة أخرى استمرار المناشدات الأخلاقية بلا جدوى،لأن إسرائيل لن ترتدع إلا بقرارات سياسية من المجتمع الدولي تجعل إسرائيل مهددة بأنتذوق طعم العقوبات وطعم الخسائر الفعلية! العامل الثالث : يتجسد في هذه النكبة السوداءالتي نعاني منها فلسطينيا منذ خمس سنوات، وهي نكبة الانقسام، وتداعياته التدميرية،وصورته الشائهة التي يرسمها لنا، واتهامنا بعدم الأهلية للقيام بأعباء واستحقاقات استقلالناالوطني. ونحن كفلسطينيين نعرف جميعا أن الاحتلال هو أكبر طرف يستغل هذا الانقسام الأسودلمصالحه، ولكننا رغم هذه المعرفة بالحقيقة المأساوية، فإن بعضنا ما زال يتشبث بالانقسام،ويفضله على كل بنود أجندتنا الوطنية. جنون الاستيطان يخلق تراكمات حادة، إنه يخنق شعبنا،إنه يمزق أرضنا ويسرقها علنا، إنه يبدد حلمنا المقدس في دولتنا، وبالتالي فإن الاحتقانيتضاعف بمعدلات عالية، واليأس يصبح سيد الموقف، وبالتالي فإن الانفجار يصبح أقوى الاحتمالات.هل يرى المجتمع الدولي ذلك؟ هل يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته؟ وأنتم أيها الصارخونبشعارات عدم التطبيع الفارغة البلهاء التي تترك القدس وحيدة، وتترك فلسطين كلها لقمةسائغة، هل تملكون شيئا غير هذه الشعارات الجوفاء؟ وأخيرا، هل تحضر الإرادة الوطنيةالفلسطينية لكي تسحب من يد الاحتلال والاستيطان ورقة الانقسام التي يستغلها أبشع استغلال؟هذه الأسئلة تدق كل الأبواب، ولا بد من إجابات، لأن انعدام الإجابات معناه اشتعال النارخارج كل التوقعات.