شهدت العلاقات الاميركية السعودية في الاعوام الاخيرة بعض الفتور، الناجم عن الكيفية، التي عالجت بها إدارة اوباما الملفات الاقليمية وخاصة الملفين الايراني والسوري، وفي السياق سجلت المملكة السعودية تحفظا معلنا على تقاعس الولايات المتحدة في ادارة ملف التسوية السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي. كما ان القيادة السعودية، سجلت استياء بالغا من إضعاف دورها في المنطقة من خلال إبراز الدور القطري على حسابها، ليس هذا فقط، بل ان اميركا بدعمها لمشيخة قطر، وتحالفها مع جماعة الاخوان المسلمين، واطلاق يدها لتعيث فسادا وتخريبا في اراضي الدولة السعودية ودول الخليج العربي وعموم الدول العربية، وفي نفس الوقت غض النظر عن الحوثيين وحليفتهم إيران أو ضمنا التوافق غير المعلن معهم، لتحقيق هدف تفتيت دول المنطقة تمشيا مع مخطط مشروع الشرق الاوسط الجديد.

وكلا الطرفين سجلا عبر المنابر الاعلامية وفي داخل الغرف المغلقة، كل منهما على الاخر، تحفظات على آليات العمل المتبعة. حتى ان وفود الادارة الاميركية السياسية والامنية، امتنعت عن اللقاء مع عدد من اركان النظام السعودي، لتقدير خاص منهم، ان اولئك أساءوا للعلاقات المشتركة من خلال المنهجية والممارسة، التي اتبعوها في سوريا وغير مكان من عالم العرب.

غير ان الولايات المتحدة، بعد فشل سيناريوهاتها في اعقاب ثورة ال30 من يونيو المصرية، إرتأت إعادة تجسير العلاقة مع خادم الحرمين وباقي اركان القيادة السعودية، لا سيما وان السعودية تحتل مكانة استراتيجية في الرؤية الاميركية، مما فرض ترتيب زيارة رئيس الادارة اوباما لها لتحقيق اكثر من هدف، منها: اولا: ترطيب الاجواء السعودية الاميركية؛ ثانيا: اعادة الاعتبار لمكانتها كحليف قوي ومركزي في المنظومة العربية؛ ثالثا: وفي السياق، إضعاف الدور القطري؛ رابعا: طمأنة السعودية، ان قيادتها في المنطقة لن تتأثر لاحقا، خامسا: محاولة إيجاد لغة مشتركة بين الطرفين في الملفات المختلفة؛ والعمل على تقليص نقاط الخلاف إلى الحد الاقصى؛ سادسا: ويميل اوباما ووفده إلى دس الاسافين بين السعودية والدول العربية الاخرى وخاصة مصر بهدف تخريب التحالف القائم بين البلدين. سابعا: سيحاول اوباما إستثمار الزيارة بهدف إستمالة خادم الحرمين الشريفين للضغط على الرئيس ابو مازن للقبول برؤية اميركا للاطار الهلامي والفضفاض، وتمديد المفاوضات دون سقف زمني وبلا اي ثمن، والصمت عن عدم افراج إسرائيل عن المعتقلين الفلسطينيين داخل الخط الاخضر.

الزيارة الرئاسية الاميركية للسعودية، تحتل أهمية خاصة في اللحظة السياسية الراهنة لكلا الطرفين، لاسيما وان السعودية أخذت تلوح بفتح ابواب العلاقات على وسعها مع روسيا والصين، وكأن لسان حالها يقول: ان السعودية قادرة على استخدام الكثير من الاوراق السياسية والاقتصادية. ولعل رفضها عضوية مجلس الامن، كان مؤشراً ملفتاً على ما يمكن ان تذهب إليه القيادة السعودية. كما ان القيادة السعودية تعلم ان اميركا تراجعت مكانتها، ومن حق السعودية تدوير الزوايا في علاقاتها مع الغرب وخاصة اميركا. لذا يشعر الرئيس الاميركي بضرورة ضبط إيقاع السياسة السعودية، ولجم اية نزعات غير إيجابية، لاسيما وانها مع باقي دول الخليج والعالم العربية تمثل مصلحة حيوية للولايات المتحدة الاميركية.

من المبكر الاستنتاج عما ستتمخض عنه الزيارة من نتائج. لكنها فرصة لتبادل الرأي بين القيادتين. وكل فريق سيعمل على تحقيق ما يسعى ويطمح له. وكلاهما يعتقد ان من الصعب ان يستغني عن الآخر؛ وكأن العلاقة بمثابة زواج كاثوليكي، مع الفارق بينهما في التأثر والتأثير بالآخر.