انتصرت ( لا ) العربية الأكبر, لذاتها اولا ولشقيقتها ( لا ) الوطنية الفلسطينية, وهذا برهان آخر على ان الموقف الفلسطيني الصلب, وتمسك قيادة شعبنا بالحقوق والثوابت خير رافعة للمواقف العربية, وعامل وحدة وإجماع عربي على القضية المركزية للأمة العربية.. فالقادة العرب لا يمكنهم إلا تبني الموقف الفلسطيني مادام صريحا, وواضحا, ومقنعا, والأهم من كل ذلك تلمسهم الروح القومية الدافعة للقرار الوطني الفلسطيني, فالرؤساء والملوك والقادة العرب يدركون جيدا حجم خطر الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل على دولهم المستقلة, بالتوازي مع الخطر الوجودي المهدد لشعب فلسطين وأرضه ودولته التي مازالت تحت الاحتلال, اذا ما تحقق لإسرائيل هذا الاعتراف.. فإسرائيل التي انشئت بقرار استعماري منذ ستة وستين عاما مازالت حتى اللحظة بلا دستور يحدد حدودها, أو يحدد هوية اليهودي أو تعريفه, ما يعني أن حدود اسرائيل قابلة للتمدد لتشمل أي مكان في الأقطار العربية وتحديدا المجاورة لفلسطين تستطيع ماكنة الدعاية الصهيونية اقناع الرأي العام العالمي بوجود جذور تاريخية لليهود (كعرق) وليس كدين فيه, لكن الخطر الأفظع على الدول العربية - ان تم الاعتراف لإسرائيل بأنها دولة اليهود في العالم - هو تعرض مبدأ المواطنة في المجتمعات العربية للانهيار, بالضربة القاضية, فالمجتمعات العربية المتحركة رمالها الآن خلال سعيها للاستقرار على مبدأ المواطنة والولاء للوطن, وإلغاء أي شكل من اشكال التمييز على اساس العقيدة او المذهب او الطائفة او العرق حتى, ستجد نفسها ان اقرت بيهودية اسرائيل, انها قد شقت مجتمعاتها راسيا وأفقيا, واقتلعت جذور مواطنيها من اتباع اليهودية من أرضهم ووطنهم, خاصة أننا في خضم الصراع مع المشروع الصهيوني, قد حرصنا على تأكيد مواطنة العربي في وطنه وأرض بلده ودولته, وحاولنا خلال نصف قرن من نضالنا الوطني مع القوى التحررية والتقدمية والديمقراطية العربية, تفنيد مقولة تمثيل اسرائيل لليهود في العالم عموما, ولليهود في الأقطار العربية, الذين دافعنا عن حقوقهم في المواطنة في بلدانهم, كما ندافع عن حقوقنا في وطننا فلسطين, ورفضنا أي شكل من التمييز او العنف ضدهم باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الأمة, ولا يمكن السماح للحركة الصهيونية بتضليلهم, واستخدامهم كبيادق لمشروعها الخادم للمشروع الاستعماري الأكبر في المنطقة.. وإلا فإننا سنخضع لمشاريع تيارات وحركات ارهابية تتكئ على مصطلحات دينية, تعمل على فرز مذهبي وديني للمجتمعات العربية وبدأت فعلا بتخريب كياناتها, وما ظهور ما يسمى الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش), وغيرها من الجماعات المولودة اصلا من رحم الاخوان المسلمين إلا حلقة في سلسلة اثبات الرواية الصهيونية المؤدلجة والمرفوعة على مفاهيم دينية, هدفها الأساس تحويل اتباع المذهب أو الطائفة أو الديانة الى فرد يتبع دولته المسخ ذات اللون الواحد, في محاولة عدمية مضادة لحركة الفكر الانساني المتقدمة, فالشعوب الحرة تعتقد ان الدولة الدينية في القرن الحادي والعشرين وصفة سحرية للانتحار الجماعي.