ليس من المقبول أن يظل الوطن يئن وهو الذي كان لا يمل الزئير، و ليس من طبائع الفلسطينيين أن يعملوا بيد واحدة وهم المحتاجين لكل الأيادي. كما أن الفلسطينيين شعب فخور بالتعددية فهو شعب التضحيات والفعل الأكيد.

ليس من المقبول أن يئن الوطن فالجرح كبير ويحتاج لالتئام، والمصاب كبير وطوال سنوات يتسع الجرح ويتقيح، وتتراكم عليه الجراثيم.

إن أنين الوطن المجروح لا يأتي من الاحتلال فقط ، حيث أن مقاومة الاحتلال تحتاج ليوثا تزأر، وقدم الآلاف منا أرواحهم أو سني أعمارهم لهذا الهدف، ولكن أنين الوطن الصعب اليوم من فعل أبنائه الذين ضغطوا على السكين فجرحوه متعمدين ومازالوا.

إن الشرخ الفلسطيني يتعمق يوما إثر يوم ويزداد نزيفا فلا انقلاب قد أغلق بابه ولا انقسام في حقيقة الأمر قد تم تجاوزه ، عشرات الاجتماعات واللقاءات وعديد الاتفاقيات والمعاهدات التي حاولت لم الجراح ووأد استمرار الفتنة ولكن مصلحة القلّة أو البعض والمتضررين من المصالحة هي ذات الأولوية ما داموا يمسكون بخيوط السطوة والسلطة والتجبر على عباد الله.

إن الرئيس أبو مازن لم يألُ جهدا في رأب الصدع فتنازل كثيرا، وقدم الكثير من أجل جمع الشتيتين بعدما ظنّا كل الظن أن لا تلاقيا كما يقول قيس بن الملوح.

ولوقف الأنين والنزف المستمر تحركت في حماس بعض الأصوات ومنها صوت خالد مشعل وصحبه محاولة التخلص من تجربة الانقلاب والانقسام التي جرت عليهم وعلى شعبنا الويلات إلا أن المستفيدين من الانقسام ذوي المصالح الفئوية في حماس تحديدا وغيرها قد انجرفوا بعيدا عن ثوب عزتهم بوحدة الوطن بمظنة أن الله يخصهم وحدهم وهم به حملوا السيوف والبنادق ضد إخوانهم عبر الانقلاب وهم من زالوا يعمقون الجرح ويؤذون الوطن.

إن الليث الفلسطيني يؤمن بالوحدة ، والليث الفلسطيني في حركة فتح دستوره الشعب وقانونه لمّ الشمل، وهو صانع المعجزات إذ فجر ثورة وأعاد مئات الآلاف لبلدهم وبنى مؤسسات وما زال يضرب الأمثلة ويصنع ثورة مقاومة شعبية ضد الاحتلال لا تلين.

أن التحركات السياسية عربيا ودوليا تصب في مصلحة إدامة القضية تلهب خيال العالم علّه يصحو وينتصف للحق، وإن زئير الأسد الفلسطيني سيتغلب بالنهاية على التهاب الجرح وأنين الجسد فيصدع البغاة    أو المتمردين على الوطن.

لابد من الاتفاق وإن تعددت سبل التفكير و الآراء ولا بد من توحيد الوطن في سلطة مدنية ديمقراطية يتم فيها تداول الحكم (الجزئي) تحت الاحتلال ،فما لا تستطيع اليد الواحدة فعله وما نهدف له الكثير حيث تستطيع الأيادي مجتمعة أن تحققه.

إن معاناة أبناء الشعب الفلسطيني اليومية من الاحتلال في رحاب "الحرية الجزئية" وفي المعتقلات ومعاناتهم من الانقلاب وما أنتجه من انقسام ومعاناتهم المعيشية اليومية، ومن ضيق نظر القريب قبل البعيد لا يمكن أن تلقى الالتفاتة الواسعة وطنيا وعربيا ودوليا كلما كان الجسد عليلا، ولا يمكن أن تكتسب الاحترام الشديد كلما كان صوت الأنين  يعلو فيتحول عبر الزمن إلى صراخ أو نشيج.

هبوا يدا واحدة وروحا وثابة واكسروا قيود المهانة والمذلة، واجعلوا ايمانكم بالله والقضية والشعب و الأسرى والمعتقلين منهم خاصة من عوامل توحدكم، فلا تظنوا بالله سبحانه وتعالى ينصر فيكم فئة على الأخرى لأن كل الشعب مؤمن ولا يحتاج من حزب أو تنظيم منكم أن يكون له مرشدا في دينه، وإنما يحتاج منكم وحدة الكلمة سياسيا ومجتمعيا فاعتقوا هذا الشعب من خلافاتكم واتقوا الله، واسمعوا من الوطن زئيرا داويا.