فلسطين والربيع العربي والفايسبوك...

 

بقلم/ يوسف عودة

خاص/مجلة القدس، مواقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك) بتردداتها وموجاتها وعبورها الفضاء العربي بلا حواجز أو حدود وهمية أو حتى قوانين الطوارئ، لا تتعامل مع مصطلحات أين ومتى وكيف على الصعيد السياسي، وإيجاد الحل الأمثل للمسألة الشرقية. وبطبيعة الحال ليست هي المسؤولة عن  النكبة ومأساتها، ولا تداعيات النكسة أو فشل الوحدة العربية.

منذ عام ونيف تتداعى المنطقة تحت تأثير منخفض جيو شعبي له ارتجاجاته وتردداته والخياط الدولي يعمل على تفصيل المقاسات والموديل المناسب، محاولاً تحويل الإنسان العربي إلى (مانيكان) للتسويق البضاعي واستنساخ أنظمة في مسلسل طويل.

الحراك الشعبي مشروع وطني نهضوي على قاعدة الوعي الجماهيري العام، يرفض أن يكون مزيجاً من مشروعات عدة لمعادلات  سياسية وإشكالاتها في مختبر الإستراتيجيات.

الحراك الشعبي تحمل الكثير من المصاعب والمسؤوليات وما زال يعاني عبء التركة الثقيلة، عبّر عن عفوية الوفاء وصدق الانتماء في مقابل من ركب موجة اللحظة التاريخية لقطف الثمار وحصاد تعب الساحات والميادين من خلال الاستدراج الأيديولوجي حسب مؤشرات البورصة ارتفاعاً أو هبوطاً ولضرورات المرحلة.

ما قبل الحراك الجماهيري مرحلة لم تخضع لشروط الفعل الوطني، لم تتجانس مع سيرورة التطابق التكويني وعياً وسلوكاً وممارسة، وهي شرط منهجي لمعطيات التاريخ والجغرافيا في مسألة خصوصية المنطقة حيث استجابة رأس الهرم للانفصال عن البنى الأخرى في مندرجات التغيير وعدم التماهي والتطابق مع شرط البناء والتطور.

الجماهير العربية أمام خيارين لا ثالث لهما، وهي المطوقة بعصا الخارج لأمنها القومي واستباحة مستقبلها وتطلعاتها وفق أجندات خارجية، وداخلياً انزلاق قوى التغيير وأصحاب المصلحة الوطنية في مسألة البناء الجديدة على قشور الموز بعدم رصد الواقع وتحولاته ومؤشراته، حيث التباين في مسلكية ركاب القطار كل يحمل بضاعته وقاصداً وجهته الخاصة، مما يعني فقدان البوصلة للاتجاه نحو الهدف.. وحيث القوى الجديدة أو المتجددة في تغييراتها شكلاً ومضموناً، ويكون الخيار الأول في نجاح التعميم الوطني وتأسيس واقع جديد يحمل في ثناياه حقبة النهوض الوطني تكون فعلاً قوته الدافعة القضية الفلسطينية وهي الرهان الوحيد الذي يتطابق ويتكامل مع الطموحات ورفض مصادرة التحول بين خطين لا يلتقيان، انتصار العامل الذاتي والاستقلالية والاستيعاب الموضوعي لشروط الحراك الشعبي للمشروع الوطني العربي.

والكل يدرك أن مفهوم الربيع العربي يعني الانتقال إلى اتجاه جديد لشرعية منتسبة لمفهوم الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، للتعددية والشراكة وتوزيع الثروة القومية والتنمية  المستدامة، والقضية الفلسطينية هي الأساس والشرط الوحيد للحالة الصحية والعربية التي ترتبط بالربيع العربي...

السؤال الجوهري، أين القضية الفلسطينية مما يدور حولها! وانعكاس النتائج سلباً أو إيجاباً! أمام معطيات لم تحسم بعد وبأي اتجاه، واختلاط الحابل بالنابل إقليمياً ودولياً، ذلك يدعو وبالضرورة تأمين البيئة والمناخ الملائمين للقوى الوطنية لأخذ مواقعها وترتيب صفوفها لكي لا تتحول الميادين إلى قوى مدجنة أو مروّضة وتسقط من يدها أوراق قوتها أمام مفصل تاريخي، وهذا يتطلب ترتيب البيت العربي المتصدع بمحاوره واصطفافاته لدرء مخاطر التشرذم والتفتيت وحماية القلعة من داخلها.

المطلوب موقف حقيقي وجديّ من المشروع الوطني الفلسطيني الذي يحتاج إلى شبكة أمان عربية وإرادة قومية واصطفاف وطني يدفع باتجاه الإسراع بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وإعطائه جرعة القوة باستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية أمام التحديات الراهنة. حيث الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يعرف سوى الخداع والتسويق.

الموقف الموحد الفلسطيني والعربي من المشروع الوطني الفلسطيني يمهد لنا الطريق بمواجهة الاحتلال ومخططاته، أما الانشطار متى ينقشع الغبار والمراهنة على المتغيرات لن يقدم ولن يؤخر في النص الدرامي المكتوب من دم ومعاناة في فلسطين.

الخيار الفلسطيني في مواصلة التحرك السياسي والدبلوماسي وإعطائه قوة الاندفاع من خلال الفعل الميداني.

مواصلة المقاومة الشعبية السلمية ورفع وتيرتها وتوفير سبل ومقومات إدامتها وتطويرها لكي تشمل المدن والقرى والمخيمات وكل فئات الشعب وتنويع أساليبها النضالية، مواصلة التحرك السياسي وفي ظل الظروف والمعطيات الجديدة مع الرباعية  الدولية وروسيا والصين لكسر الاحتكار والتفرد للولايات المتحدة الأميركية لرعاية السلام من أجل توسيع الرعاية الدولية السياسية وتحت مظلة وإشراف الأمم المتحدة.

مواصلة التحرك مع الدول العربية وفي إطار الجامعة العربية وعلى كل المستويات لتحصين وحماية الموقف الفلسطيني وإسناد تحركه ودعم صمودة.

إعادة طرح مشروع قرار دولي بطلب الحماية الدولية المؤقتة للشعب الفلسطيني من مجلس الأمن أو الجمعية العام للأمم المتحدة.

الطلب من الأمم المتحدة عقد مؤتمر دولي لتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة. تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتكريسها على الأرض بانجاز المصالحة وتوحيد شطري الوطن لتشكيل حكومة توافقية تهيئ الظروف لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يتمخض عنها حركة سياسية نشطة قادرة على المواجهة والمواءمة بين الفعل النضالي والدبلوماسي على منصة البرنامج الوطني السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية واصطفاف وطني للحركة الوطنية الفلسطينية وهي حجر الزاوية لنيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.