كشف تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية، فجر الاثنين، النقاب عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين الفلسطينيين والسوريين في مخيم اليرموك الواقع على أطراف العاصمة دمشق، الذي يرزح تحت الحصار.

وعشية نشره بمناسبة الذكرى الثالثة لاندلاع الأزمة في سورية، يبرز التقرير المعنون "امتصاص الحياة من مخيم اليرموك: جرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين المحاصرين"، وفاة نحو 200 شخص منذ تشديد الحصار في تموز/ يوليو 2013، وقطع الطريق على دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المخيم الذي يحتاجها بشدة.

وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: أصبحت الحياة في مخيم اليرموك لا تطاق بالنسبة للمدنيين المعدمين الذين وجدوا أنفسهم ضحايا للتجويع وعالقين في  دوامة تهوي بهم نحو استمرار المعاناة ودون وسيلة متوفرة تتيح لهم الهرب.

وأضاف: يُعامل المدنيين في المخيم كما لو كانوا أحجار شطرنج في لعبة مميتة لا سيطرة لهم عليها.

ويسلط التقرير الضوء على تكرار شن الهجمات على المخيم، وخاصة على المباني المدنية من قبيل المدارس والمستشفيات وأحد المساجد، وتم تحويل بعض المناطق التي تعرضت للهجوم إلى مأوى للذين نزحوا سابقا جراء النزاع، كما جرى استهداف الأطباء والعاملين في مجال تقديم الخدمات الطبية أيضا.

وقال  "يشكّل  شن هجمات عشوائية على مناطق المدنيين وإيقاع وفيات وإصابات في صفوفهم جريمة حرب،  وإن تكرار استهداف منطقة مكتظة بالسكان تنعدم فيها سبل الفرار، يبرهن على موقف وحشي عديم الشفقة واستخفافا صارخا بأبسط المبادئ الأساسية الواردة في القانون الإنساني الدولي".

ويعاني ما نسبته 60% ممن لم يغادروا المخيم من سوء التغذية، وقال سكان المخيم لمنظمة العفو الدولية، إنهم لم يتناولوا الفواكه أو الخضروات طوال شهور،  وارتفعت الأسعار بشكل مخيف.

ورغم إيصال إمدادات محدودة من الغذاء بشكل متقطع من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وذلك في كانون الثاني/ يناير شباط/ فبراير 2014، إذ لا تزال مساعداتها التي وصلت غير كافية البتة لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وقال عمال الإغاثة إن الجهود المبذولة حتى الساعة لا تمثل سوى قطرة في بحر الاحتياجات المطلوبة، وتجدد قصف المخيم في الأيام الأخيرة مما قطع عملية إيصال المساعدات مرة أخرى.

وقال لوثر  "ما انفك عدد الوفيات يرتفع داخل مخيم اليرموك، وأصبحت الأوضاع أكثر بؤسا، ومن المحبط فعلا أن يدرك المرء أنه كان بالإمكان إنقاذ الكثير من الأرواح لو كانت الرعاية الطبية المناسبة متوفرة في العديد من الحالات".

وظهرت تقارير تتحدث عن وفاة امرأة أثناء الولادة، وعانى الأطفال والمسنون أكثر من غيرهم، إذ توفي 18 طفلا، بينهم رُضع، كما برزت مضاعفات صحية ناجمة عن تناول سكان المخيم لنباتات سامة وغير صالحة للأكل ولحوم الكلاب.

وحسب التقرير نفدت معظم الإمدادات الطبية الأساسية من المستشفيات، بل وأُجبر معظمها على إغلاق أبوابه، وقال سكان من المخيم للمنظمة، إن الجماعات المسلحة قامت في بعض الحالات بنهب الإمدادات الطبية وسرقة سيارات الإسعاف من المستشفيات.

كما تكرر تعرض العاملين في مجال تقديم الخدمات الطبية للمضايقات، واعتُقل 12 منهم على الأقل أثناء الحصار لدى مرورهم بنقاط التفتيش، واختفى عدد آخر.

وقالت المنظمة في تقريرها أنه منذ نيسان/ أبريل 2011، أُلقي القبض على ما لا يقل عن 150 شخصا أثناء الحصار، داعية إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين فورا ودون شروط.

وقال لوثر إن الحصار "يرقى إلى مصاف العقاب الجماعي للسكان المدنيين الذين لا يستحقون خوض هذه المعاناة التي فُرضت عليهم بالقوة"، داعيا إلى إنهاء الحصار فورا.

وتابع: تم التوصل في مجلس الأمن الشهر الماضي إلى اتفاق بشأن إصدار قرار يدعو جميع أطراف النزاع إلى رفع جميع أشكال الحصار عن المناطق الآهلة بالسكان فورا، والسماح لمنظمات الإغاثة الإنسانية بالدخول إلى المخيم دون عائق ووقف انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي،  ولكن لم يؤدِ ذلك إلى تحسن أوضاع المدنيين المحاصرين حتى الآن.

وأكد لوثر أن "الحصار المفروض على مخيم اليرموك يُعد الأشد فتكا، وبدأت عمليات الحصار تلك تتسبب بتعاظم المعاناة الإنسانية، ما يُحتّم بالتالي ضرورة تعليقها جميعا فورا كونها تتسبب بمعاناة إنسانية تفوق الوصف".

ودعت المنظمة إلى مقاضاة كل من يُشتبه بارتكابه أو إعطاء الأوامر بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.