أطلق السفير الإسرائيلي داني دنون الطلقة الأولى على رحم الأمم المتحدة، عندما أرسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش أن إسرائيل عازمة على منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من القيام بأعمالها ومهامِّها في القدس الشرقية، مطالباً إياها إخلاء جميع المباني التي تعمل فيها في المدينة، وذلك في موعد أقصاه 30 كانون الثاني 2025.
* وهذا يأتي في سياق تنفيذ القانون الصادر عن الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 28/10/2024 الذي جاء فيه:
- يحظر على الأونروا ممارسة نشاطها، وأداء مهامها، وإقامة أي تمثيل لها في الأراضي الواقعة تحت السيادة الإسرائيلية - القدس الشرقية.
- يمنع على جميع الهيئات الحكومية والعامة الإسرائيلية من التنسيق أو التعاون بأي شكل من الأشكال مع الأونروا، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، أو بالطريقة المباشرة أو غير المباشرة في باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بموجب هذه الرسالة، تكون إسرائيل بدأت فعلاً بتنفيذ قانون حظر نشاط الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلَّة بشقِّه الأول (القانون الأول)، وذلك يعتبر تمهيداً سريعاً لتنفيذ الشق الثاني منه (القانون الثاني)، وخصوصاً أن إسرائيل قرَّرت وضع هذا القانون موضع التنفيذ بكل تفاصيله قبل نهاية شهر كانون الثاني من العام 2025.
* بالتالي وضع هذا القانون موضع التنفيذ سيؤدي إلى مجموعة من المخاطر والتداعيات أهمها:
- مزيد من الكوارث الإنسانية التي لا حدود لها في غزة والضفة، بما في ذلك القدس الشرقية، وعلى كافة المستويات والأصعدة، حيث سنشاهد صوراً من الإبادة والموت الجماعي بسبب فقدان أهم وكالة وهيئة دولية قادرة على تنفيذ عمليات الاستجابة بصورة فاعلة، وفي هذا السياق أعلن كل من اليونيسف وكذلك منظمة الغذاء العالمية أنهما لن يكونا بديلاً عن الأونروا وأنهما ليس لديهما في الأصل القدرة على ذلك، (الأونروا هي الأكثر امتلاكاً للخبرات التراكمية والقدرات اللوجستية، والأكثر معرفة بكل تفاصيل العناصر البيئية العاملة في نطاقها).
- فقدان هيئة دولية مهمَّة بمستوى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، يعني ذلك فقدان شاهد موجود وعامل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، يصطدم يوميًا بجرائم الاحتلال ويتلقى آثارها بكل تداعياتها اللاإنسانية، من قتلٍ للأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، والتدمير الممنهج لكافة الأبنية والمنشآت، وإبادة وإنهاء كل أثر أو تاريخ أو ثقافة أو ذاكرة على هذه الأرض.
- ومن أهم تداعيات ومخاطر هذا القانون، أن إنهاء وجود الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلَّة يشكِّل سابقةً خطيرةً من شأنها أن تنسحب على الأونروا في كل مناطق عملياتها، وأن تزيلها وتقضي عليها كشاهد على أفظع جرائم العصر التي وقعت يوم طُرد شعبٌ بأسره وأُخرج من أرضه. بالتالي إنهاء الأونروا يعني تفريغ القرار 302 من محتواه كقرار ارتبط قانوناً ووجوداً بالقرار 194 المتعلِّق بحقِّ العودة.
إذًا هي تحديات وتهديدات غير مسبوقة تواجهها الأونروا، تعمل من خلالها دولة محتلة وهي إسرائيل، على تحدٍّ صارخٍ لمنظمة دولية بحجم الأونروا، وخصوصاً أن هذه الأخيرة مفوَّضة بقرارٍ أمميٍّ صادرٍ عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتالي نحن أمام كارثة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى، ستؤدي إلى تدمير البنى الأساسية الحقوقية والإنسانية، من إغلاق لمدارس الأونروا، وعياداتها الصحية، ومراكزها الخدماتية والاجتماعية؛ أي إلى انهيار كلي لقطاعات تربوية وتعليمية واجتماعية وصحية.
* هذا القانون جاء متحدِّياً كافة المواثيق والقرارات الدولية، لا سيما:
- ميثاق الأمم المتحدة، المادة الثانية منه الفقرة الخامسة.
- القرار 302 وهو النظام الأساسي لوكالة الأونروا، وبالأخص الفقرة السابعة وكذلك الفقرة السابعة عشرة منه.
- اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها، الموقعة من قبل الكيان الغاصب والمصادق عليها عام 1949.
- اتفاقية جنيف الرابعة، وخصوصاً المادة 55 والمادة 59 منها.
- قرارات محكمة العدل الدولية، وبالأخص القرار الصادر بتاريخ 26/1/2024 والقرار الصادر بتاريخ 28/3/2024.
نحن أمام دولة مارقة تتحدى الشرعية الدولية بجبروتها المدعوم بالبلطجة والتخويف والترهيب الأميركي لكافة دول العالم ولمنظماته وتشريعاته.
ولمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة كتابنا "الأونروا في مواجهة التحديات – قانون حظر نشاط الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها