يبدو أن التفاؤل الذي يتعالى حول الاقتراب من التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، في المفاوضات الجارية في الدوحة لا يزال مبكرًا، رغم اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، في 20 الشهر الجاري، وتهديده بـ"نيران جهنم" ضد من لا يسعى للتوصل إلى اتفاق حتى عودته إلى البيت الأبيض.

و وفق ما ذكر محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رونين بيرغمان، اليوم الأحد 2025/01/12، أنه "رغم التقدم الحاصل في المفاوضات في الدوحة في عدد من القضايا، إلا أنه لم تُحل أي من القضايا المركزية، ولن يكون بالإمكان الالتفاف على القضايا المركزية إلا بحدوث أحد أمرين، إما أن تتنازل الفصائل في النقطة التي رفضت التنازل فيها، أو أن تقرر إسرائيل أنها ستنهي الحرب".

وأشار بيرغمان إلى أنه في إسرائيل هناك من يعتقدون أن الإمكانية الأرجح هي أنه لن يتم التوصل إلى صفقة حتى "20" الشهر الجاري، إذ أن النقاش الأساسي هو حول نهاية الحرب، ووفقًا لعدة مصادر، وبينها مسؤولون في إسرائيل وفي دول الوساطة، فإنه لا يوجد اتفاق حتى أمس، ويجري التداول حاليًا حول ورقة تصريحات هامة وربما تقدم معين، لكنها لا تنتج اسرى محررين".

ونقل بيرغمان عن مصدر إسرائيلي رفيع قوله: إنه "ليتني أكون مخطئاً، لكن حتى الآن لا توجد صفقة، ومن الجائز أن ينتهي الأمر بتصريح فقط".

وأضاف بيرغمان: أن "هناك من يعتقدون في إسرائيل أن هذه محاولة لاستعراض فشل بالتوصل إلى اتفاق، حتى لو كان صغيرًا ومحدودًا، قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض".

وحسب المصدر الإسرائيلي الرفيع، فإن "إصرار كلا الجانبين، هذا على إنهاء الحرب وذاك على استمرار الحرب، لا يعرقل المرحلة المقبلة وحسب، وإنما المرحلة الحالية أيضًا، وكلا الجانبين يأخذان بالحسبان أنه ستكون صفقة واحدة فقط ولذلك تحاول إسرائيل الإصرار على تحرير أكبر عدد ممكن من الاسرى في هذه المرحلة، والفصائل تريد أقل عدد ممكن، ولذلك يتعرقل أيضًا ما كان يوصف بأنه إنساني".

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أنه "لأول مرة بعد أشهر كثير، يوجد على ما يبدو أساس للتفاؤل"، وعزا ذلك إلى قرب دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وأن الصفقة ستنفذ على مرحلتين على الأرجح، بحيث يتم الإفراج أولًا عن نساء ورجال كبار السن ومرضى بين الأسرى الإسرائيليين، بعد الإعلان عن وقف إطلاق نار، يتم خلاله "انسحاب كبير للجيش الإسرائيلي من بعض المناطق في قطاع غزة".

ونقل هرئيل عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله: إنه "بالرغم من الأعمال اللوجستية الواسعة التي نُفذت في ممري نيتساريم وفيلادلفيا، فإن أعمال البناء (بناء مواقع عسكرية إسرائيلية) هناك جرت من خلال توجه بموجبه كل شيء مؤقت وعند الضرورة بالإمكان تفكيك المواقع وإزالتها بسرعة نسبية"، لكن هرئيل أشار إلى هذا يتناقض كليًا مع نوايا حزبي بن غفير وسموتريتش، اللذين يسعيان لاحتلال دائم لأجزاء من القطاع على الأقل.

واعتبر هرئيل أن قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بإرسال أرفع طاقم مفاوضات، الذي يضم رئيسي الموساد والشاباك ومندوب الجيش الإسرائيلي، إلى الدوحة أمس، "يشكل مؤشرًا إيجابيًا آخر على أن الاتفاق يقترب فعلاً".

وبحسبه، "يبدو أن نتنياهو يسمح للطاقم هذه المرة بحيز مناورة أكبر في المفاوضات مما كان في الماضي، ففي الجولات السابقة، بدا أحيانًا أن رئيس الحكومة يفشل المفاوضين الإسرائيليين مسبقًا بواسطة منحهم تفويضًا ضئيلاً للغاية".

وفيما يرفض الوزيران سموتريتش وبن غفير التوصل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب، وادعى هرئيل، أنه "من الجائز أن نتنياهو يرصد أن تهديدات شركائه من اليمين المتطرف بتفكيك الائتلاف، إذا نفذ المرحلة الأولى في الصفقة، ملموسة أقل من الماضي"، بزعم أن بن غفير تراجع عن موقفه واعترف بأنه أخطأ عندما امتنع عن التصويت على أحد قوانين ميزانية الدولة، قبل أكثر من أسبوع، وأن حزب سموتريتش يكاد لا يتجاوز نسبة الحسم في الاستطلاعات بسبب الانتقادات الشديدة له من جانب ناخبيه بشأن موافقته على سن قانون يعفي الحريديين من الخدمة العسكرية.

وأضاف هرئيل: أن "مواقف سموتريتش وبن غفير ضعفت، لكنه تساءل إذا كان هذا كافيًا كي يلين نتنياهو موقفه في المفاوضات مع الفصائل الفلسطينية"، وأشار إلى أن الأمل هذه المرة يبدو راسخًا أكثر والدعم الشعبي في إسرائيل لصفقة من أجل إعادة المخطوفين مرتفع جدًا.

وتابع: "لا توجد فائدة حقيقية حاليًا للحرب في القطاع، والجيش الإسرائيلي لا يقترب أبدًا من حسم عسكري شامل، ويتعرض لخسائر شديدة (مقتل 50 جنديًا في شمال القطاع منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر) في حرب استنزاف طويلة وشرسة".

واعتبر هرئيل أنه "صفقة من شأنها أن تكون بداية لنشوء واقع سياسي آخر في القطاع، بمشاركة الأميركيين والدول العربية الأكثر اعتدالا في الحل، وسيكون هنا رهان كبير، لكنه أفضل من الاستمرار بسفك الدماء الحاصل، خاصة أنه إذا عادت الفصائل الفلسطينية إلى شن هجمات، سيكون هناك مبرر كامل لإسرائيل كي تستأنف الحرب ضدها".