المقاومة الشعبية تعتبر أهم وأخطر أنواع المقاومة التي يكره العدو التعامل معها لأنها تقوض قواه. ومقاومة الاحتلال هي أمر أزلي وحتى تقوم الساعة ستبقى في مقارعة الاحتلال حتى تحصل الشعوب على حريتها ودحره من أوطانها. لقد كانت الانتفاضة الأولى للشعب الفلسطيني نموذجًا يُحتذى به في إطار التحرر الوطني والتي نتج عنها تشكيل الهوية الفلسطينية السياسية وقادت إلى إقامة سلطة وطنية للشعب الفلسطيني، كادت أن تحقق دولة فلسطينية على حدود 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة، لأن المدن الفلسطينية جميعها سلمها الاحتلال بعد اتفاقية أوسلو عام 1983.

المقاومة الشعبية هي إعداد الجمهور الفلسطيني بكافة مكوناته للمشاركة في هذا الشكل من المقاومة التي تحافظ على شكل ولون وكينونة الشعب سالمًا بعيدًا عن دائرة الانتقام المفروض من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولقد أجهدت بعض الفصائل الفلسطينية نفسها كثيرًا في إنشاء حكومة ظل للسلطة الفلسطينية همها الوحيد وضع العصي في الدواليب للسلطة الفلسطينية من أجل تعطيل مسيرتها وعملها باعتبارها المسؤولة عن اتفاقية أوسلو، والكل ادعى المقاومة والذي دفع الثمن هو تقدم السلطة والشعب الفلسطيني. وكلما تعكرت العلاقات الداخلية بدء الصراخ على السلطة الفلسطينية، واتهامها بسلطة دايتون وسلطة التنسيق الأمني. وللتوضيح اتفاق أوسلو بكافة جوانبه اسمه بروتوكول التنسيق الأمني، بمعنى أن إسرائيل عند تحويل المقاصة للسلطة الفلسطينية يسمى في إطار التنسيق الأمني وهذا الاتفاق يمس كل جوانب الحياة للشعب الفلسطيني. ومن تلك المسميات، كل هذا والجهد المبذول من هذه الفصائل على الأرض يساوي صفرًا، وفي ذات الوقت بقوا منصاعين لأجندات الدول الداعمة لهم، علمًا ان منتسبي تلك الفصائل هم الأكثر استفادة في الوظائف العامة، ونحن نقول نعم إنهم أبناء الشعب الفلسطيني ولهم الحق بالتساوي ودون تمييز بين جميع أبناء هذا الشعب وهذا ما قامت به السلطة الفلسطينية وبرقابة مشددة من رئاسة السلطة والدوائر ذات الصلة، وفي الإضراب الوظيفي الذي حدث مراتٍ عدة، كانوا أشد الناس ضراوة، ومع ذلك فقد تم استيعابهم لما فيه مصلحة الوطن والمواطن. كل الحوارات الوطنية في كل الأوقات والأماكن التي جرت فيها، لم تحقق نتائج ملموسة لأنها مبنية على المحاصصة والتبعية، وللانصاف فإن الجهاد الإسلامي كان يشارك في الحوارات ويعزز منطقها لكنه كان رافضًا المشاركة في الحكومات المتعاقبة حتى تلك التي كانت تسمى حكومة الوحدة الوطنية. 

لقد ترك المواطن والأرض دون أدنى اهتمام من المعارضة الفلسطينية، وكان يمكن عمل أشياء كثيرة لمقارعة الاحتلال وتعزيز العمل المقاوم والإنسان المقاوم والاقتصاد  على الأراضي الفلسطينية.

وهنا أود أن أسأل على سبيل المثال لا الحصر هل بُذلت الجهود لتعزيز العمل على الأرض؟ لقد تركت الأرض مهجورة، وتركت العمل للسماسرة لشراء المنتوج الإسرائيلي، وهذا ما حدث، حتى أن المنتوج الفلسطيني وهو منتج غير كافي كانت تنافسه البضائع الإسرائيلية في السوق الفلسطيني ولولا تدخل السلطة الفلسطينية لضربت المواسم الاقتصادي وتم القضاء على البقية الباقية، مما يعني الكل يريد من السلطة أن تتدخل، وفي نفس الوقت تهاجم إذا ما حدث خطاء هنا أو هناك، وهم لا يقومون بأي عبء لتعزيز المسار الوطني. يعني الكل جالس في مملكته لا يريد أن يخرج منها لاتمام ما هو ضروري ووطني. وبناء الاقتصاد المقاوم أليس هو جهد شعبي تنظيمي فصائلي كم هي الجهود التي بذلت من أجل ذلك؟ لقد كانت صفرًا ويريدون من هذا الاحتلال أن يرحل. يرحل إلى أين؟ والسوق الفلسطيني يعتبر سوقًا استهلاكيًا من الدرجة الأولى ويشكل ربحًا استثنائيًا للاقتصاد الإسرائيلي، لقد بلغ حجم التداول مع السوق الإسرائيلي أربع مليارات دولار سنويًا يتم استيرادها إلى السوق الفلسطيني.

الخوض في هذا الحديث طويل وهو من باب العتاب لا أقل ولا أكثر، وإن كان كذلك فالتاريخ سيكتب ذلك وما حدث لأجل إطالة عمر هذا الاحتلال، السلاح والبارود هم أقل انواع المقاومة أمام التحديات الأخرى، وإذا كان السلاح مدمرًا للبلاد والعباد فيجب البحث عن البدائل التي تقود السفينة إلى بر الأمان. ماذا يجب أن نعمل وماذا علينا من واجبات هي صلب العمل المقاوم؟.

طالما أننا مصدر الربح للعدو، لماذا لا يفكر بتركنا ويرحل؟ طبعًا سيتمسك بنا ويعمل على إدارة دفته ليبقى متربعًا على عرش البلاد والعباد. لقد كان مشروع إسرائيل الوحيد على مدار السنوات الطويلة السلام الاقتصادي، يعني رأس المال الفلسطيني، وللعلم  فالبعض منه كان يعمل في المستوطنات الإسرائيلية والاستثمار فيها وانتم بالعسل نائمون.

إن أكثر ما يقلق  في الأحداث الأخيرة هو تجنيد الأطفال، في أعمال خطيرة. لطالما حاولنا أن نجنيبهم إياها، ومع ذلك زج الاحتلال بهم في لتون المحرقة وكانوا في دائرة الاستهداف الاسرائيلية بشكل واسع تعرفون لماذا؟ لأن هؤلاء الأطفال هم مستقبل الشعب الفلسطيني، وهم الأمل، هم من سيحملون هذا الإرث لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة وعاصمتها القدس. الأطفال لم يخلقوا ليحملوا هم العنف، نحن نريدهم للمستقبل والأخذ بيدهم بالتعليم والتدريب لينافسوا على مستقبل أفضل، ويقرروا بأنفسهم ما يريدون، لا أن يواجهوا الموت والرصاص. أحد أفراد الأمن الفلسطيني شاهد الأطفال يحملون المولوتوف ويلقون بها عليهم، وكان سهلاً عليه فتح النار وقتلهم ولكنه فضل الشهادة على أن يطلق النار عليهم وارتقى شهيدًا.

سيسجل التاريخ هذا، فكيف ستردون؟ لا يمكن أن يكون الشعب الفلسطيني الحديقة الخلفية لجهات تثير الفتن والقلاقل والنزاعات في أوساطه، والتسبب في تعريضه للتدمير وللإبادة الجماعية، وتمرير مشاريع التصفية. بل يجب أن يكون دوركم في العمل من أجل التحرير وتعزيز الصمود، وبناء الفلسطيني المقاوم.