لا يرى الخارجون عن القانون في جنين، المتسربلون في ثياب التمويل الإيراني، وأجنداته التآمرية، لا يرون، وعلى نحو بالغ البؤس والجهل، أن عالم محور الممانعة، بات في ذمة التاريخ، بعد أن تهاوت مواقعه وساحاته الواحدة تلو الأخرى. وعاصمة هذا المحور، طهران، تحاول اليوم أن تنأى بنفسها عن هذا التهاوي، ولا غاية لها، ولا تطلع سوى للحفاظ على نظامها، نظام الولاية الذي لم يعد عصريًا، ولا بأي حال من الأحوال.

ولا يرى هؤلاء ما هو أكثر أهمية، وقد باتوا فاقدي الوعي، والمنطق، والرؤية الواقعية، إن مخيم جنين الذي لا تبلغ مساحته الكيلومتر المربع الواحد، لا يمكن له أن يكون بديلاً عن قطاع غزة، البالغ مساحته 364 كيلومترًا مربعًا، وهي مساحة أثقلتها إسرائيل بالحرب والعدوان، بالخراب والركام، ومئات الآلاف من الشهداء والجرحى، والنازحين الجياع والعطاشى، بعد أن تذرعت بهجوم السابع من أكتوبر الذي قامت به حماس، بذات الشعارات التي يرفعها اليوم هؤلاء الخارجون عن القانون، الذين لا يملكون، ما ملكت "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من أسلحة وصواريخ، لم توقف أبدًا جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن مواصلة عدوانه الحربي الفاشي على قطاع غزة، والذي ما زال متواصلاً حتى اللحظة مخلفًا في كل لحظة المزيد من الضحايا والدمار.

كما لا يرى هؤلاء أن مخيم جنين لا يمكن أن يكون ضد تاريخه، وإرثه، ودوره النضالي الوطني، وأهله لطالما كانوا أكثر انفتاحًا على كل ما هو عصري، وتقدمي، وتنويري بوطنية التطلع للحرية والاستقلال، فأقاموا مسرح الحرية الذي أثار حنق الاحتلال الإسرائيلي، وإلى حد دكه بالطائرات الحربية، وإحالته إلى كومة ركام.

مخيم جنين بهذا الإرث، وهذا الدور، وهذا التطلع الحضاري، لا يمكن أن يكون داعشيًا، تحت أي ذريعة، وأي مسمى كان، القارئون للكتاب الحكيم على نحو صحيح، لا يقبلون العبوات الناسفة، ولا السيارات المفخخة، ضد أهاليهم وأبناء جلدتهم، ولا بد هنا من الإشادة بالأجهزة الأمنية التي أحبطت مفخخات الدواعش، ومخططاتهم الإرهابية، رجال هذه الأجهزة، هم حماة السلم الأهلي، حماة الفكرة والمسيرة الوطنية التحررية حتى زوال الاحتلال وقيام دولة الحرية والاستقلال. لهم ترفع القبعات وقد أحبطوا سيارة الدواعش المفخخة، وعلى الخارجين عن القانون أن يدركوا أن بنادق المليشيا ستظل بنادق مأجورة وعاجزة، في مواجهة البندقية المسيسة، بندقية العقيدة الوطنية التي يحملها رجال الأجهزة الأمنية.