قرار المحكمة الجنائية يشكل انتصارًا للجهود السياسية والدبلوماسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة حين أصبحت دولة فلسطين عضوًا مراقب في الأمم المتحدة حين تقدم الرئيس أبو مازن بطلب العضوية عام 2012، وانضمام دولة فلسطين بموجب ذلك إلى المنظمات والمؤسسات الدولية بما في ذلك إنضمامها للمحكمة الجنائية الدولية يوم الأربعاء 1/4/2015، وسبق ذلك تهديد لدولة فلسطين بعدم الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وفي حال حصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة يحق لها الانضمام إلى محكمة العدل الدولية، لذلك فإن دولة جنوب إفريقيا وبالتنسيق مع دولة فلسطين تقدمت برفع دعوة لدى محكمة العدل الدولية لمحاكمة "إسرائيل" على أفعالها بعملية التطهير العرقي والإبادة الجماعية بقطاع غزة وقد دفع دول عربية وإسلامية في تقديم المرافعات القانونية، وبذلك تقدم مايزيد عن عشرة دول إلى جانب جنوب أفريقيا ودولة عربية وإسلامية وأوروبية ومن مختلف قارات العالم بالتضامن والوقوف ودفاع عن الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض للإبادة الجماعية من خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد تعرض قاضي بالجنائية الدولية لضغوط كبيرة في سبتمبر الماضي، أشار مدعي الجنائية الدولية القاضي كريم خان، إلى تعرضه لضغوط قوية لمنع إصدار مذكرة الإعتقال بحق نتنياهو وغالانت "وزير الدفاع الأسبق"، وتعتبر هذه القضية منفصلة عن القضية التي تقدمت بها جنوب إفريقيا لدى محكمة العدل الدولية.
وفي اعتقادي بأن بعد الانتهاء من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة سوف تتكشف حجم الكارثة الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة، وبذلك يتم إضافة أعداد من الجرائم الجنائية على القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية للمحكمة بعد الإستماع إلى الشهود من الأهالي الذين كانوا ضحايا الإبادة الجماعية على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي وقد يتجاوز عدد الشهداء 150 ألف من النساء والأطفال والمسنين ومن كافة الأعمار بقطاع غزة، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين والمعتقلين والأسرى والأسيرات في سجون ومعسكرات الإعتقال الجماعية، وفي نفس الوقت فإن مئات آلاف الأطفال فقدوا عائلاتهم وبيوتهم وهؤلاء هم ضحايا العدوان الإسرائيلي في القطاع، الذين لن يترددوا بعد اليوم من مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الفاشي على غرار أجيال من الفلسطينيين الذين كانوا ضحايا النكبة عام 1948 ونكسة حزيران عام 1967، لذلك فإن إمكانية إنهاء الشعب الفلسطيني وحقوقه في الحرية والاستقلال لن تتوقف حتى يتم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الأبدية.
وقد تعتقد حكومة نتنياهو وفريقه من الأحزاب اليمينية الدينية المتطرفة بأن الموقف الأميركي الشريك بالعدوان الإسرائيلي قد لا يستطيع الاستمرار في حماية الكيان الصهيوني العنصري،
خاصة بعد فشل مخطط تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية بعد التحول الإيجابي بين شعوب ودول العالم بالتضامن بعد عملية الإبادة الجماعية بقطاع غزة، وتحدي "إسرائيل" للقرارات الشرعية الدولية، وقرار المحكمة الجنائية الدولية،
يعتبر انتصارًا لشعبنا الفلسطيني العظيم، وفور قرار المحكمة الجنائية هدد وزير المالية الإسرائيلي إلى إتخاذ إجراءات بحق الرئيس أبو مازن والسلطة الفلسطينية وينشر الإعلام العبري صورة للرئيس الفلسطيني أبو مازن كقاضي في المحكمة الدولية في لاهاي (علم فلسطين في الخلفية) ورئيس الوزراء ووزير الدفاع الأسبق الإسرائيلي خلف القضبان بملابس السجناء وعلى هذا يكتبون أن أبو مازن صنع التاريخ، وحاكم "قادة الاحتلال" ويندرج هذا ضمن الحملة الهجومية على المحكمة الدولية، لذلك فإن الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومخيماتها سوف تتصاعد مع استمرار احتجاز أموال الضرائب الفلسطينية وتشديد الحصار والعقوبات على دولة فلسطين، حيث أصبحت أمر واقعي لا تستطيع الإجراءات الإسرائيلية التخلص من الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والتاريخية، والمطلوب الآن تفعيل الأطر الشعبية ووحدة الموقف الفلسطيني لمواجهة الاحتلال والإجراءات الإسرائيلية الاستيطانية العنصرية، ونؤكد على هذه الأرض ما يستحق الحياة والصمود والانتصار.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها