دول وحكومات وشعوب أميركا اللاتينية تتميز بالمواقف التضامنية الشجاعة مع الشعب الفلسطيني، وهي ليست الوحيدة من دول العالم المختلفة خاصة الدول الإفريقية وفي مقدمتها جنوب إفريقيا المقدامة والوفية للكفاح التحرري المشترك مع الشعب الفلسطيني، التي رفعت دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية باعتبار إسرائيل دولة إبادة جماعية، ودول وشعوب القارة الاسيوية وعدد من دول وشعوب أوروبا، التي ارتقت روح التضامن فيها إلى مستويات مهمة، وتمثل ذلك باعتراف عدد منها بدولة فلسطين، وحتى في عقر دار الشر والإرهاب العالمي الولايات المتحدة الأميركية نهضت قطاعات واسعة من الشعب الأميركي خاصة الحركة الطلابية في دعم الشعب الفلسطيني، ورفض الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية وحلفائها من دول الغرب الرأسمالي.

وبالعودة لجادة العنوان، ولإعطاء دول أميركا اللاتينية بعض حقها الواجب على الشعب الفلسطيني، وتمثل دورها الكفاحي والإنساني في رفض  الإبادة الاسرائيلية الجماعية بحق  الشعب  المكلوم والمنكوب  بالاستعمار الوحشي الفاشي الإسرائيلي، فهي لم تكتف بإصدار بيانات الشجب والإدانة والاستنكار أسوة بالعديد من الدول والحكومات في الإقليم والعالم، ولا بالتصويت في المنابر الأممية الداعمة والمؤيدة للحقوق الوطنية الفلسطينية، والمطالبة بوقف الإبادة الجماعية وحرب الأرض المحروقة على الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء من الفلسطينيين في قطاع غزة، التي دخلت عامها الثاني منذ ستة أيام، التي فتكت بعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وعمليات التدمير الهائلة والكارثية، إنما ارتقت العديد من الدول الأميركية اللاتينية إلى درجة متقدمة من التضامن مع الشعب الفلسطيني بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل الفاشية.

وكانت دولة بوليفيا سباقة في اتخاذ هذه الخطوة الشجاعة في 31 تشرين الاول/أكتوبر 2023، حيث عقد مؤتمر صحفي مشترك للمتحدثة باسم الرئاسة البوليفية ماريا نيلا برادا ونائب وزير الخارجية فريدي ماماني، وأعلنا رسميًا قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، وقال آنذاك ماماني: "ترفض بوليفيا جميع أشكال المعاملة القاسية واللا إنسانية والمهينة الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

ولحقت بها دولة كولومبيا الرائعة، حيث أعلن الرئيس غوستافو بيترو في مسيرة حاشدة في العاصمة بوغوتا بمناسبة عيد العمال في الواحد من أيار/مايو الماضي، أن بلاده ستقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل اعتبارًا من الغد، مشددًا على أن دول العالم يجب ألا تكون سلبية إزاء ما يجري في غزة.

ويوم الجمعة 12 تشرين الاول/أكتوبر الحالي، أعلنت نائبة رئيس نيكاراغوا، روزاريو موريلو، أن حكومة بلادها وبطلب من الرئيس دانيال أورتيغا قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، كون إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني. وأضافت موريلو على شاشة التلفزيون الحكومي: "أصدر رئيسنا تعليماته إلى وزارة الخارجية بالامتثال لطلب البرلمان الوطني، والمضي قدمًا في قطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة إسرائيل الفاشية والمجرمة".

وهذه الخطوة النيكاراغوية الشجاعة لم تكن الأولى في المواقف المتميزة للساندانيين الأبطال، وإنما سبقتها خطوة متقدمة مع رفعها دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية في 2 آذار/مارس الماضي ضد ألمانيا لتقديمها مساعدات مالية وعسكرية لإسرائيل، ولتوقفها عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وما زالت نيكاراغوا وقيادتها تواصل الدعم وفق إمكانياتها لكفاح الشعب الفلسطيني، وتعمل من خلال المنابر الإقليمية والقارية والأممية لوقف المحرقة الإسرائيلية على المواطنين العزل من الفلسطينيين، دون أن تخشى العصا الأميركية الغليظة ولا أدواتها من المعارضة اليمينية، أو دول الجوار المتواطئة في القارة اللاتينية والداعمة للإبادة الجماعية.

وهذه المواقف النبيلة ليست جديدة على سياسات القيادة الساندانية. سيما وأن الروابط الكفاحية المشتركة بينها وبين الثورة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية عميقة ومتأصلة على مدار عقود كفاحها التحرري ضد قوى الثورة المضادة وأسيادهم في واشنطن. وهي تجسيد للقيم الثورية البوليفارية والساندانية في اميركا اللاتينية.

ولا يفوتني التأكيد أن دول وشعوب القارة من كوبا إلى تشيلي إلى البرازيل وفنزويلا وبيليز والدومينيكان وغيرها من الدول والشعوب والأحزاب القومية والديمقراطية الأميركية اللاتينية وقفت وتقف إلى جانب فلسطين وشعبها دون تردد، رغم أنظمتها المرتدة والتابعة للولايات المتحدة الأميركية.

كل التحية لنيكاراغوا الساندانية البطلة ولشعوب وأحزاب ودول أميركا اللاتينية التي ساندت وتساند الكفاح التحرري للشعب العربي الفلسطيني، وهو درس لكل من يعي من عرب وعجم لعلهم يفيقون من وهم المواقف الضعيفة والمتلعثمة.