"لن نرحل، لن نرحل، لن نرحل.. فلسطين وطننا، أرض آبائنا وأجدادنا، وستبقى لنا، وإن كان لأحد أن يرحل فهم الغاصبون المحتلون".
هذا هو روح وجوهر خطاب فلسطين، وفكر ومبادئ وثقافة وثوابت شعبها العربي، خطاب الإنسانية، ومنطق الأحرار في العالم، إنه خطاب المبتدأ والخبر، والفعل والجزم، خطاب الحق الأزلي، والفلسفة الوطنية بأصدق وأبسط معانيها.
فاللحظة التاريخية المصيرية، أوحت لرئيس الشعب الفلسطيني، قائد حركة تحرره الوطنية المناضل الإنسان محمود عباس أبو مازن بفاتحة خطاب على قمة منبر الشرعية الدولية، أضاء فضاء العالم بشعاع الرؤية الفلسطينية، المنبثقة من الإيمان بالحتمية التاريخية، والقوانين الإنسانية، بأن الحق منتصر، ولا يسقط بالتقادم، وإنما الباطل منهزم، وسيسقط بالتآكل والانكسار، فهذا الباطل "الاحتلال" غزو خارجي، خارق لجاذبية القيم والأعراف والأخلاق الإنسانية، لا سند ولا قاعدة ولا ركيزة له على الأرض، ولا حتى كلمة واحدة - ولو من حرفين - في قاموس الأمم والشعوب الحضارية.
لم يكن خطاب الرئيس أبو مازن يومًا إلا وطنيًا إنسانيًا، بليغًا صادقًا بطرح رؤى الشعب الفلسطيني، المعني بالحرية والاستقلال، ونشر السلام على أرض وطنه فلسطين المقدسة وفي رحاب مقدساتها، التي يخشى مليارات المؤمنين بالخير والسلام في العالم على وجودها تحت هيمنة الشر، ومجرمي الحرب والإبادة "الغاصبون المحتلون". فرئيس السلام، الرئيس الإنسان جعل من تفكيره وعمله بإخلاص ومصداقية، بمصير ومستقبل الشعب الفلسطيني حرًا مستقلاً على أرض وطنه، ورؤيته لليوم التالي، برنامجًا نظريًا وعمليًا قابلاً للتطبيق، تستطيع دول العالم إذا ما تبنته تشكيل نواة للسلام في منطقة تتهددها حروب دينية، تسعرها الصهيونية الدينية الحاكمة في دولة الاحتلال "إسرائيل" ستحرق الأخضر واليابس مالم يتداعى لكبح جماح همجية القرن الواحد والعشرين، البارزة بوضوح في جرائم حكومة وجيش الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنين الإرهابيين، فالعالم يمكنه إذا ما امتلك ناصية القرار المستقل عن منهج الدولة الاستعمارية العميقة، واتخذ جادة الصواب لتحقيق السلام، كما فعلت قيادة الشعب الفلسطيني، بارتكازها على قرار وطني فلسطيني مستقل، ويمكن للعالم المضي بأمان إذا اتبع هدى الرؤية الفلسطينية، ونعتقد هنا أنه قد بدأ بالفعل، باعلان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إطلاق "تحالف دولي" عربي وأوروبي ومن دول إسلامية، من أجل قيام الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، لكسر قاعدة الانتظار والترقب، وليس صدفة اطلاق التحالف بعد اطلاق الرئيس أبو مازن "رؤية فلسطين" لليوم التالي للحرب، التي تعتبر بمثابة خريطة طريق باثني عشر بنداً. رؤية صيغت بأولويات تبين مدى قداسة ومكانة النفس الإنسانية الفلسطينية في فكر القيادة، ووحدة جغرافية ومواطني دولة فلسطين، وولاية الدولة ومنظمة التحرير على قطاع غزة والضفة بما فيها العاصمة القدس، وصولاً إلى هدف قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، فالمطلوب لتجسيد هذه الرؤية للسلام الفلسطيني، والدولي أيضًا يجب، أولاً: إيقاف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، والعمليات العسكرية، وهجمات المستوطنين الإرهابيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
- ثانياً: إدخال المساعدات الإغاثية بصورة عاجلة ومنتظمة وبكميات كافية وبدون شروط، وإيصالها لمناطق قطاع غزة كافة.
- ثالثاً: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ورفض إنشاء مناطق عازلة أو اقتطاع أي جزء من أراضيه، ووقف إجراءات التهجير القسري داخل قطاع غزة أو خارجه، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وتوفير المأوى لهم.
- رابعاً: حماية الأونروا والمنظمات الإنسانية، من التعسف الإسرائيلي وتوفير الدعم السياسي والمادي لها كي تتمكن من أداء دورها وتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ديارهم.
- خامساً: توفير الحماية الدولية للفلسطينيين على أرض دولتهم المحتلة.
- سادساً: تولي دولة فلسطين مسؤولياتها في القطاع لتمارس ولايتها الكاملة عليه، بما في ذلك المعابر الحدودية، وعلى رأسها معبر رفح الدولي بين مصر وفلسطين، كجزء من خطة شاملة.
- سابعاً: وفي إطار عملية الإصلاح الوطني الشامل نقوم بإعادة بناء البنية التحتية ومؤسسات الدولة التي دمرتها إسرائيل، وإنعاش الاقتصاد، والتنمية المستدامة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتحميل دولة الاحتلال مسؤولية ذلك.
- ثامناً: بسط سلطة دولة فلسطين والحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، على جميع الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، تمهيداً لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية فيها، وتشكيل حكومة فلسطينية، وفقاً لنتائج هذه الانتخابات.
- تاسعاً: الاستمرار في حشد أكبر دعم دولي من أجل حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بأسرع وقت ممكن.
- عاشراً: التنفيذ الكامل لقرار الجمعية العامة المتعلق بالفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية، بما يؤدي لإنهاء الاحتلال خلال اثني عشر شهراً، حسبما ورد في الفتوى.
- أحد عشر: عقد مؤتمر دولي للسلام تحت إشراف الأمم المتحدة خلال عام لتنفيذ حل الدولتين، وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين الفلسطينيين، على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
- إثنا عشر: اعتماد قوات حفظ سلام دولية بقرارٍ من مجلس الأمن بين دولة فلسطين وإسرائيل، لضمان أمن الدولتين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها