لا زال رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته النازية يفكرون فقط في الحل الأمني والعسكري لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ولإنهاء وشطب القضية الفلسطينية، رغم تجريب هذا الحل منذ عشرات السنوات ولم يؤدي لا إلى سلام ولا إلى أمن لدولة الاحتلال ولا للمنطقة، ولم يستطع هذا الحل شطب القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، رغم كل محاولات الترهيب والترغيب التي استخدمت طيلة السنوات الماضية.

الفترة التي نستطيع القول فيها أن المنطقة عاشت بأمان وسلام نسبي، هي فترة ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو والبدء بتطبيقها، وهذا سببه لأن الشعب الفلسطيني شعب يرغب بالعيش بسلام وأمان ومحب للحياة، ولكن بدل أن تستغل حكومات العدو هذه الصفة وهذا الإيمان في سبيل تحقيق السلام والأمن وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة، ليعيش كباقي شعوب المنطقة والعالم، أصبحت دولة الاحتلال تتهرب وتراوغ وتبتعد شيئًا فشيئًا عن متطلبات السلام مستغلة بذلك التغييرات الإقليمية والدولية، متوهمةً أنها تستطيع الاستفراد بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وأن تعمل على شطبها من على مسرح السياسة الدولية، وفي الحقيقة كادت أن تنجح بذلك لولا:

- أولاً: وعي الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقه وحريته ووطنه مهما بلغت التضحيات والمؤامرات.

- ثانيًا: المعركة الديبلوماسية والقانونية التي خاضتها السلطة الوطنية الفلسطينية في المحافل الدولية لإبقاء القضية الفلسطينية حية ولو بالحد الأدنى، سواء على الصعيد الديبلوماسي السياسي أو على الصعيد القانوني الحقوقي.

- ثالثًا: الثورات النضالية المتتالية التي خاضها شعبنا بخاصة بعد تهرب الاحتلال من تطبيق اتفاقيات أوسلو، من انتفاضة النفق والأقصى ومواصلة النضال الوطني الفلسطيني بكل أشكاله وصولاً إلى السابع من أكتوبر.

* وهنا أقول:

ما كان ينقص كل هذه المعارك سواء منها الديبلوماسية والقانونية أو النضالية الميدانية الكفاحية، هو الوحدة الوطنية الفلسطينية والتي كان بالإمكان أن تحقق التعاون والتكامل والانسجام بين كل هذه الجهود، وأن تكون هناك معارضة بناءة هادفة كما تكون بذات الوقت سلطة وقيادة سياسية موحدة على هدف واحد وهو تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، دون أن يكون هناك تناقض بين هذه الأدوار، وأن يكون الوطن أهم من الحزبية، وقد استغل العدو للأسف الشديد هذا الانقسام والتنافس الحزبي خير استغلال حتى توهم أنه يستطيع الانتصار على شعبنا بالضربة القاضية عبر "سيوف نتنياهو".

لذلك لا يمكن تصحيح الوضع الفلسطيني الآن والخروج من هذا الوضع الخطير الذي وصلنا إليه إلا بمواصلة الصمود والمقاومة وإفشال كل مخططات التصفية للقضية الفلسطينية، عبر وحدة وطنية فلسطينية شاملة، يتم استثمار كافة الجهود في هدف واحد هو تجسيد قيام الدولة الفلسطينية على أرض الواقع واستغلال هذا الانقلاب الدولي ضد إجرام دولة الاحتلال وتوحشها، ولذا المطلوب الآن هو الانتقال بالتفاوض مع المحتل من خلال المنظور الأمني والإنساني الذي يريده الاحتلال، إلى المنظور السياسي عبر التفاوض على إنهاء العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية والتفاوض على تطبيق الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وهذا يأتي بتشكيل فريق فلسطيني مفاوض يحظى بالقبول والشرعية من الكل الفلسطيني.

وإلا سندخل جميعًا، لا سمح الله، إلى نفق مظلم لا نعلم مدى قسوة ظلامه ولا زمن نهايته.