بقلم: الحارث الحصني

الطفل الذي لا يستطيع المشي الآن، يستعد بخوف لعامه الدراسي الجديد. في المقابل تسعى العائلة بكل طاقتها إلى مساعدته لينجح عامه الدراسي.

قبل سبعة أشهر تقريبًا، أصيب كريم شادي شراب (9 سنوات) من قرية عورتا جنوب مدينة نابلس، برصاصة في الرقبة جعلته ذا إعاقة حركية لا يقوى على الحركة.

وبينما يتأهب عشرات الآلاف من الطلبة للالتحاق بمدارسهم في التاسع من الشهر الحالي، يستعد شراب مثلهم لكن بظرف مختلف تماماً.

وأن ينتهي بشراب الأمر إلى أن يرتبط تنقله بكرسي متحرك، ليس نهاية الأحلام له.

بكثير من الخوف، يستعد شراب منذ أيام لبدء العام الدراسي الجديد، في تأثير واضح ومباشر للوضع الصحي له في الحالة النفسية التي يمر بها.

في الضفة الغربية، حيث المرحلة الأكثر صعوبة منذ سنوات، تغلي المنطقة بتسارع واضح بعد عدة اعتداءات إسرائيلية واسعة استهدفت عددًا من المحافظات، خاصة الشمالية منها.

وفي قرية عورتا، إحدى القرى الصغيرة التابعة لمحافظة نابلس، بينما كان كريم برفقة شقيقه ذاهبين لشراء بعض الحاجات المنزلية، تصادف مع مرور مركبة عسكرية إسرائيلية بالقرب منهما.

وقال شقيقه: "توقفت المركبة العسكرية وأطل جندي منها وأطلق النار مباشرة على كريم".

والشهادات المتشابهة من القرية لعدد من الأهالي، والتي تفيد بأن القرية لم يكن فيها أي مواجهات، تعطي انطباعًا بأن ما حدث كان هدفه إعدام الطفل مع سبق الإصرار.

- "جاء شقيقه مسرعًا ينادي بلهجته العامية أن الاحتلال أطلق النار على كريم".

- "مرت العائلة بلحظات صعبة وحزينة". "أصبح الطفل شراب شخصا آخر، منعزلا ولا يرغب في الحديث مع أحد".

وقال جده هاني شراب: "كلنا مرضى بسببه"،  ليس بالمعنى الحرفي، إنما يدل على أن الحزن قد أصاب العائلة كلها.

لكن هذا المصاب الجلل لا يتناقض مع أن أمورًا في الحياة يجب أن تستمر.

وإن كانت النبرة التي تحدثت بها العائلة فيها حزن، لكنهم مجمعون على أن عامه الدراسي يمكن إنجاحه، بإحضار مدرسين إلى البيت.

وعلى مشارف عام دراسي جديد، تسود أجواء تحاول العائلة من خلالها خلق لحظات تخفف وطأة حالة الحزن التي تمر بها بعد إصابة طفلها.

وقالت والدته نداء: "حياة خارج نطاق التحكم".

مع مرور الوقت تصبح الرغبة لدى عائلة الطفل في التغيير أكبر، فإصابة الطفل شراب، جعلت لكل شيء اعتبارًا في حياة العائلة بأكملها، العيش بنظام يلائم الوضع الصحي لابنهم.

وليس مستغربًا عند معرفة أن شادي شراب، وهو والد الطفل، اتخذ قرارًا حازمًا باستئجار منزل آخر يطل على الطريق مباشرة بدلاً من منزله الذي يقع في الطابق الثالث.

ولانشغاله بالعمل مدة طويلة خارج المنزل، الأمر الذي لا يتيح له الوقت الكافي، أُلقيت مهمة البحث عن منزل لجد الطفل.

وقال جد الطفل: "وجدنا منزلاً ملائمًا لكريم، إنه أمر صعب هذا الحال".

اليوم، يعاني الطفل شللاً كاملاً في الأطراف السفلية، وذراعيه اليسرى واليمنى بدرجة كبيرة إلى حد ما.

وتُرسم على وجنتي الطفل ابتسامة خجولة، ولا ندري أهو طبعه أم حالته الصحية جعلته هكذا.

في الطابق الثالث من بناية لآل شراب، أصبح إنزال كريم إلى ساحة البيت أمرًا صعبًا.

قال والد الطفل: "هذا أكثر سبب مقنع لبحثي عن منزل آخر".

رصدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في تقرير سابق لها، زيادة بنسبة 250% في عدد الأطفال الفلسطينيين الشهداء في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وقالت عبر موقعها الإلكتروني: إن "143 طفلاً استُشهدوا في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو ما يمثل تصاعدًا بحوالي 250% مقارنة بالأشهر العشر التي سبقت ذلك (تشرين الأول/أكتوبر 2023).

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من 440 طفلاً فلسطينيًا أصيبوا بذخائر حية خلال الفترة التي تبعت تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تزامنًا مع العدوان على قطاع غزة.