بقلم: ميساء عمر

تتزامن عمليات جني ثمار فاكهة الجوافة هذا الموسم في مدينة قلقيلية، مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، إذ يضيّق الاحتلال بإجراءاته وعدوانه على المحافظات الفلسطينية على القطاع الزراعي، ما يشكل هاجسًا لدى المزارعين حول مصير الموسم هذا العام.

وموسم الجوافة في مدينة قلقيلية ينتظره المزارع والتاجر من العام إلى العام، لمساهمته العالية في إنعاش السوق المحلي، ودعمه الاقتصاد الوطني، حيث قدمت الجوافة مساهمة في الناتج المحلي للمحافظة قُدرت بـ 50 مليون شيقل، العام الماضي، إذ أنتجت 175 ألف شجرة جوافة، منها 30 ألفًا تقع خلف جدار الفصل والتوسع النصري 16–17 ألف طن، حسب مديرية الزراعة في قلقيلية.

وتشهد محافظة قلقيلية استمرار سلطات الاحتلال في التضييق على المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم وعرقلة تنقلهم.

فالمزارع محمد نوفل من مدينة قلقيلية، الذي يملك 5 دونمات من الجوافة خلف جدار الفصل والتوسع العنصري، يعاني تقليص الاحتلال إصدار التصاريح الزراعية.

وأوضح نوفل: "كان يعمل برفقتي عشرة مزارعين، لكن الاحتلال قلص عدد التصاريح الزراعية، وسمح فقط بتصريح واحد لكل عائلة، لتصبح عدد التصاريح الممنوحة 400 تصريح زراعي من أصل 2500، ما أدى إلى انخفاض الأيدي العاملة بنسبة 50%، وهو ما يعني أن نصف المحاصيل خلف الجدار ستبقى دون قطف أو تسويق".

وأضاف نوفل: "يأتي هذا الإجراء ليتزامن مع إغلاق الاحتلال ثلاث بوابات زراعية من أصل خمسة كان يقصدها المزارعون للوصول إلى أراضيهم خلف الجدار، وتقليص فترة مدة الدخول إلى الأرض والخروج منها، حيث كانت سابقًا تُفتح لثلاثين دقيقة على ثلاث فترات خلال اليوم، ثم تقلصت لعشر دقائق ممتدة على فترتين صباحية ومسائية".

ويرى عبد الهادي نزال الذي يملك 3 دونمات من الجوافة خلف جدار الفصل والتوسع العنصري، أن معاناة المزارعين الكبرى تكون بإخراج ثمار الجوافة عبر البوابات لتسويقها، ويقول: "إن كميات من فاكهة الجوافة تتعرض للتلف، إما خلال عملية نقلها من الأرض إلى البوابة الزراعية ثم إلى السوق، أو لعدم قطفها، فالجوافة ثمرة طرية نسبيًا، وتحتاج إلى رعاية دائمة ويد عاملة وفيرة، ولا تحتمل تأخير قطفها وبقائها على الشجر".

وتابع نزال: "كنا نحرص في السنوات الماضية على البقاء في الأرض ورعايتها، لكن الاحتلال يفرض هذا العام إجراءات مشددة بعدم البقاء في الأرض، مع ضرورة تسجيل الدخول والخروج يوميًا بواسطة التصريح"، مؤكدًا أن هذه الإجراءات ستنعكس على المزارعين وعلى موسم الجوافة سلبًا.

أما المزارع محمد عودة من قرية النبي إلياس شرق قلقيلية، فقال: إن "الاحتلال أغلق طرقًا فرعية بين بلدات المحافظة، كانت تُسهّل التنقل من أراضيهم الزراعية وإليها، كطريق "النبي إلياس-جيوس" شرق قلقيلية، الذي أغلقه الاحتلال بالسواتر الترابية ومنع التنقل من خلاله".

ويقتحم الاحتلال مدينة قلقيلية وقراها وينصب الحواجز العسكرية بشكل يومي، ويُخضع البضائع لتفتيش دقيق، وهو إجراء يؤثر في فاكهة لا تحتمل الانتظار لساعات طويلة، في ظل درجات الحرارة العالية، فضلا عن إضاعة الكثير من الوقت قبل وصولها إلى السوق المركزي، بحسب المزارع رزق عبد الله من قرية عزون عتمة جنوب قلقيلية.

بدوره، أشار التاجر محمد حسن شنطي، الذي يملك محلا في السوق المركزي للخضراوات في المدينة، إلى ارتفاع إنتاج الجوافة هذا الموسم مقارنة بالمواسم السابقة، وذلك لأن الزراعة باتت محط اهتمام الكثير من العمال الذين تعطلوا عن العمل في ظل الظروف الراهنة.

وانطلاقًا من ذلك، يقول الشنطي: "هناك تخوف من تكدس فاكهة الجوافة بالسوق المحلي، لأن القدرة الشرائية منخفضة عند المواطنين، والأمر مجهول بالنسبة إلى التصدير، وهناك ضعف في إقبال تجار المحافظات الفلسطينية على شراء الجوافة كما كل عام، فالمستورد الرئيسي للجوافة هو المحافظات الجنوبية وأهمها الخليل، وهذه المحافظات تشهد إغلاقا كاملا، وقد يؤدي كل ذلك إلى انخفاض سعرها بشكل غير مسبوق عن الأعوام الماضية، وهو ما يخشاه المزارع والتاجر على حد سواء".

بدوره، قال المدير العام لمديرية زراعة قلقيلية أحمد عيد: إن "الاحتلال يضيّق الخناق على المزارعين ظنا منه أنه يمكنه ثنيهم عن مواصلة اهتمامهم بالأرض والعمل فيها، إلى جانب محاولاته الاستيلاء على مزيد من أراضي المحافظة، بهدف إفراغ الأرض من سكانها الأصليين".

وفيما يخص موسم الجوافة، بين عيد أن وزارة الزراعة تبذل جهودًا حثيثة في سبيل مواجهة التحديات التي فرضها الاحتلال، وخروج المزارع الفلسطيني من الموسم بأقل الخسائر، عبر طرق منها: فتح آفاق تصديرية للجوافة في الأسواق الخارجية، وتنظيم أيام تسويقية للجوافة في المحافظات الفلسطينية.