بقلم: فاطمة ابراهيم

لم يسلم رجال الإسعاف في مدينة جنين، من بطش وإرهاب جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي عمد إلى استهدافهم وإعاقة عملهم.

إجرام الاحتلال الذي يمارس القتل والدمار في كل يوم متحديًا كافة القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان، طال الطواقم الطبية والمسعفين، في جنين.

أمام بوابة مستشفى جنين الحكومي وبعد أكثر من 90 ساعة من العدوان عليها، يقوم رجال الإسعاف بعملهم بصعوبة بالغة، ويعرضون أنفسهم للخطر في سبيل إنقاذ المرضى والجرحى، رغم القيود التي يفرضها جنود الاحتلال الذي يغلقون الطريق أمام الداخل للمستشفى.

ينتظر طاقم إسعاف على بعد 50 مترًا من بوابة مستشفى جنين الحكومي، السماح له المرور، فيما يقف جيب عسكري إسرائيلي على عرض الشارع الواصل بين مركز مدينة جنين والمستشفى، بعد دقائق يترجل ضابط الاسعاف من مركبته ويشرع بفتح باب المركبة الخلفي ثم التقدم باتجاه آلية للاحتلال حيث طلب منه جنود الاحتلال أوراقه الثبوتية لفحصها.

هذا مشهد لا يمكن أن يسجل في أي مكان آخر من دول العالم، لكنه أصبح واقعاً خلال اقتحامات قوات الاحتلال الاسرائيلي لمدينة جنين ومخيمها، إضافة إلى مدن الضفة الغربية بشكل عام.

وقال المسعف حازم مصاروة: إنه "منذ بداية الأحداث على مدينة جنين تعرضت طواقم الاسعاف والهلال الاحمر لإجراءات شديدة خلال الحركة والتنقل، حتى بعد الحصول على تنسيق مع جنود الاحتلال إلا أنهم تعمدوا بشكل مستمر تأخير تحرك فرق الإسعاف".

وتابع: "في منتصف ليلة الأربعاء نسقنا لنقل طفل بحالة حرجة جداً ويعاني من كسر في الجمجمة ونزيف بالدماغ، إلى المستشفى العربي التخصصي في نابلس، وبعد الحصول على التنسيق مُنعنا من الخروج من مدينة جنين، كنا قد عانينا في الخروج من باب المستشفى المحاصر أصلاً ولكنا عدنا أدراجنا بعد منعنا من الخروج من المدينة باتجاه العربي التخصصي".

وطوال الأيام الاربعة التي مرت على اقتحام وحصار جنين حتى الآن سجلت عدة حالات إطلاق نار على رجال الإسعاف، كان آخرها صباح يوم السبت عند إطلاق نار من قناص إسرائيلي على مسعف خلال محاولته نقل طاقم طبي من مستشفى الرازي إلى مستشفى الامل.

ويوم الجمعة أصيب الدكتور نضال العارضة مدير وحدة الشكاوى في وزارة الصحة والذي تطوع لمعالجة المصابين، بيده بعد إطلاق الاحتلال الرصاص الحي تجاه مركبة الاسعاف التي كان يستقلها. فيما أصيب أيضا ضابطي الاسعاف مراد خمايسة وطاهر الصانوري بشظايا بالوجه.

وقال خمايسة: "نحاول التحرك بعد إجراء تنسيق مع الصليب الأحمر لتجنب منعنا من قبل آليات الاحتلال، وأمس تواصلت معنا حالة تعاني من ارتفاع في معدلات السكر في الدم وبعد الحصول على التنسيق، وخلال توجهنا لاستلام الحالة من الحي الشرقي أطلق الجنود النار علينا ما أدى لإصابتي وزميلي طاهر بشظايا بالوجه واصابة الدكتور العارضة في يده".

ويضيف: "رغم الإجراءات التي قمنا بها مع الصليب وتزويدنا بخارطة طريق يجب أن نمشي عليها لنقل المرضى يتم منعنا أكثر من مرة، وحتى اليوم منعنا من نقل الكثير من حالات المرضى، ناهيك عن المصابين الذين يتم إطلاق النار علينا عند محاولة إسعافهم".

ويؤكد خمايسة أن ما يحدث مع الطواقم الطبية في هذا العدوان على جنين لا يشبه ما كان يحدث في الاقتحامات السابقة، لأن التضييق عليهم أكثر شدة والتفتيش كبير ويشمل الطواقم الاسعافية والمرضى ومرافقيهم، ويتم عشرات المرات خلال اليوم.

ويرى أن مهنة المسعف رغم صعوبتها وخطورتها إلا أنها تحمل جوانب انسانية تبقى في ذاكرتهم كعاملين في المجال، ويقول: "يوم أمس تواصلت معي سيدة حرمت من الانجاب لمدة 5 سنوات وكانت قد اجرت عملية تلقيح صناعي، وتنتظر نتيجة العملية، ذهبت لأخذ عينة دم منها لإجراء فحص الحمل، وكانت فرحتي كبيرة حين ظهرت النتيجة ايجابية واظهرت نجاح التلقيح، هذه اللحظات مهمه لي ولا يمكن ان تنسى".

وتظهر مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل تفتيش قوات الاحتلال لسيارات الإسعاف التي تحاول نقل المرضى لمستشفى جنين الحكومي، وانزالهم من داخل السيارات والتدقيق في هوياتهم وتفتيشهم بشكل دقيق.

وقالت جمعية الهلال في بيان: أنها تواجه صعوبات بالغة في الاستجابة لنداءات المواطنين في عدة مناطق من مدينة جنين ومخميها.

وأوضحت الناطقة باسم الهلال الأحمر نبال فرسخ، أن إعاقة قوات الاحتلال لحركة مركبات الإسعاف ومنع طواقمها من الوصول إلى وجهتهم لأداء عملهم الإنساني تصعب عمل الطواقم في الاستجابة لمناشدات المواطنين، إضافة لتقديم الإسعاف الأولي للمصابين والمرضى ونقل الشهداء،

وتابعت:" تقوم طواقم الجمعية بمحاولة تلبية مناشدات المواطنين الذين بحاجة إلى أدوية، أو حليب للأطفال أو فوط، أو مواد غذائية نفذت لديهم جراء الحصار الشديد المفروض من قبل الاحتلال على المنطقة.

وتنص المادة "17" من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949 بأن يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس من المناطق المحاصرة أو المطوقة، ولمرور رجال جميع الأديان، وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية إلى هذه المناطق.

وأكدت المادة "56"، أنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات والصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، خاصة عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة، ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم.