اكتسبت كلمة الرئيس محمود عباس أمام البرلمان التركي أهمية كبرى وغير عادية من حيث:
- أولاً: المكان
- ثانيًا: التوقيت
- ثالثًا: المضمون
- من حيث المكان:
خطاب الرئيس أبو مازن أمام البرلمان التركي الذي حظي باهتمام كبير من ممثلي الشعب التركي ومن الرئيس التركي لأهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها في السياسة التركية.
كما للمكان أهمية للإعلان عن الإستراتيجية الفلسطينية بالتصدي للمشروع الإسروأميركي لما تحتله تركيا من مكانة سياسية ودينية وجيوإستراتيجية مَكَنَتْهَا من لَعِب دور رئيس على الساحة العالمية ويمكنها بالتالي على صعيد القضية الفلسطينية من التأثير بشكل كبير على مسار الجهود الدبلوماسية والسياسية نحو إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا.
- من حيث التوقيت:
جاء خطاب الرئيس محمود عباس في ظل توقيت سمته التعنت الإسرائيلي برفضها تنفيذ أي من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية مما أدى نتيجة للدعم والإنحياز الأميركي للكيان الإرهابي الإسرائيلي المصطنع لاستعصاء أي أمل يلوح بالأفق لوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبوتيرة أقل وحشية حتى الآن في الضفة الغربية بل وفي سياسة إسرائيلية أميركية عدوانية تهدف لتصفية القضية الفلسطينية ليس عبر حرمان الشعب الفلسطيني من حقه بالحرية وتقرير المصير، بل لتهجير الشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي في محاولة لإعادة سيناريو 1948و1967 تنفيذًا لمخطط المحور الأميركي بتمكين "إسرائيل" من إقامة دولتها اليهودية النقية "أي بطرد كل من لا يعتنق اليهودية مسلمًا أو مسيحيًا خارج فلسطين التاريخية" في إنتهاكٍ صارخٍ لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة.
- من حيث المضمون:
يعتبر خطاب الرئيس أبو مازن بما تضمنه من مبادئ ورسائل محطة إنتقال بالنضال الفلسطيني إلى مرحلة جديدة يصعب معها إن لم يكن إستحالة لأي قيادة فلسطينية مستقبلاً الخروج عنها بعد إستعصاء وفقدان الأمل بإمكانية لجوء مجلس الأمن بدولة دائمة العضوية بإخضاع قادة الكيان الاستعماري الإسرائيلي لاحترام إلتزاماته وفق ميثاق الأمم المتحدة بوجوب تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة ذات الصلة بإنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية إعمالاً وتطبيقًا لعشرات ومئات القرارات الصادرة وفي مقدمتها قرار رقم 2334 جاء خطاب القائد الفلسطيني مخاطبًا العالم من على منبر البرلمان التركي مؤكدًا بمضامينه على:
أولاً: إن الوحدة الوطنية لجميع القوى الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني اقصر الطرق لتحقيق النصر وفي ذلك رسالة هامة للفصائل خارج منظمة التحرير بتجميد أي خلاف مهما كان من أجل إنجاز أهداف المشروع الوطني الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
ثانيًا: إن أراض الدولة الفلسطينية هي الضفة الغربية وقطاع غزة وقلبها القدس أي المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 وهذا يمثل الحد الأدنى تنفيذًا واحترامًا لقرار الجمعية العامة رقم 19/ 67/ 2012 والذي تم الإعتراف بموجبه بدولة فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة دون أن يعني ذلك إلغاء أو التنازل عن مضمون قرار الجمعية العامة رقم 181 و 194.
ثالثًا: التأكيد على أن الدعم والإنحياز الأميركي "لإسرائيل" ودعمها بكل وسائل القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية واستخدام الفيتو لعشرات المرات حمايةً لهذا الكيان الإسرائيلي المصطنع وتمكينًا لافلاته من المساءلة والعقاب جاء وصف الرئيس لأميركا بأنها الطاعون والطاعون هو أميركا أي أننا نواجه أميركا وأداتها إسرائيل توجيهًا لبوصلة الصراع بالمرحلة القادمة بضرورة اضطلاع الدول العربية والإسلامية والصديقة بواجباتها ومسؤولياتها كدول أعضاء بالأمم المتحدة للضغط على أميركا بكافة الوسائل المتاحة وهي كثيرة الكف عن الإنقلاب على مبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة بإنحيازها الأعمى للكيان الإسرائيلي المارق وإنكارها عمليًا لحق الشعب الفلسطيني بالحرية وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ووقوفها حائلاً أمام تنفيذ أي من القرارات الدولية حتى بإستخدامها الفيتو الذي حال بالأشهر الأخيرة دون إصدار قرار ملزم بوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وبوتيرة أقل عنفًا بالضفة الغربية وبالقدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
رابعًا: ليس فينا وليس بيننا وليس منا من يتخلى أو يتنازل عن أي ذرة أو جزء من أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس والمعترف بها دوليًا بمكوناتها الضفة الغربية من نهر الأردن وقطاع غزة وفي ذلك تأكيد على أن الشعب الفلسطيني بمكوناته داخل الأرض المحتلة وخارجها لن يتخلى عن أي ذرة من أرض فلسطين وبحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة تنفيذًا لقرار الجمعية العامة رقم 194.
خامسًا: بالتأكيد على أن فلسطين خط الدفاع الأول عن الدول العربية بمواجهة المخطط الإسرائيلي التوسعي بالسيطرة على الدول العربية يشكل بذلك دعوة للدول العربية للتصدي للمشروع الإسرائيلي التوسعي الذي عبرت عنه الخارطة التي عرضها سموتيرش بباريس والمعتمدة لدى حزب الليكود بضرورة وأهمية دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال بكافة الوسائل المكفولة دوليًا سياسيًا واقتصاديًا وماليًا وغيرها من أشكال الدعم عبر تجميد كافة أشكال العلاقات مع الكيان الاستعماري الإسرائيلي ومع الولايات المتحدة الأميركية ولو بسحب السفراء وتجميد العقود الاقتصادية والعسكرية المبرمة معها لأن نجاح المخطط الاستعماري الإسرائيلي التوسعي بفلسطين يعني الإنتقال إلى المرحلة الثانية من المخطط الصهيوني بأداته "إسرائيل" بتهديد وتقويض الأمن والاستقرار ووحدة الأرض في عدد من الدول العربية الكبيرة والمؤثرة على الساحة العربية تنفيذًا للرؤية الأميركية لشرق أوسط جديد وهذا ما عبر عنه بصلافة وعنجهية مجرم الحرب نتنياهو بالأيام الأولى من بدء عدوانه الهمجي الوحشي على قطاع غزة فبالتالي الدفاع عن فلسطين وإجهاض المخطط الإسروأمريكي بات واجبًا على جميع الدول العربية وخاصة المحيطة بفلسطين المحتلة لأن ذلك يجهض الخطة العدوانية التوسعية التي لن يسلم منها قطر عربي إذا ما بقيت الخلافات البينية والإعتقاد أن الخطر بعيدًا ولن يطالهم وما الهدف الإسرائيلي الرئيس بتهجير قسري للشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي إلا المقدمة.
سادسًا: دعوة المجتمع الدولي للخروج عن صمته أمام وحشية وهول المجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بدعم أميركي في سياق حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وبتسليح وإطلاق يد عصابات المستوطنين الإرهابية وتمكينهم إقتحام المنازل وحرق المركبات والمنازل وإطلاق النيران على المدنيين الفلسطينيين ومصادرة الأراضي وتدمير المنازل والبدء باتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة بحق إسرائيل وداعيمها بات ضرورة إعلاءً لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة والشرعة الدولية.
بناءً على ما تقدم يكمن لنا أهمية قرار الرئيس أبو مازن الذي أعلن عنه من منبر البرلمان التركي لأكبر دولة إسلامية فاعلة ومؤثرة على الساحة العالمية بالذهاب وجميع القيادة الفلسطينية إلى غزة ودعوته قادة الدول العربية والإسلامية والصديقة وأخبار العالم وأمين عام الأمم المتحدة لمشاركته تنفيذ قراره الذي يعني ويعكس الإرادة الدولية بدعم عملي لوقف حرب الإبادة ورفض إعادة احتلال"إسرائيل" لقطاع غزة جزئيًا أو كليًا والسيطرة على ثرواته خروجًا واقعيًا عن الاكتفاء بإصدار البيانات بالمناشدة والإستنكار التي لم تلقى آذانًا صاغية أو إهتمامًا لدى قادة الكيان الاستعماري الإرهابي الإسرائيلي.
وأما قرار الرئيس محمود عباس بزيارة القدس كخطوة لاحقة بعد إتمام زيارة غزة فإنما تأتي تأكيدًا على أن القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية جزء لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة وترجمة لدعوته بالنضال الشعبي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري جنبًا إلى جنب مع المجتمع الدولي المؤمن بحق فلسطين بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
القوى الفلسطينية بكل مكنوناتها مطالبة بتصعيد نضالها بمشاركة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة في مواجهة الاستيطان والمستوطنين واجهة وأداة تنفيذية للمخطط الإسرائيلي الإستراتيجي بتأبيد احتلاله للأراضي الفلسطينية التاريخية.
كما أن الجاليات الفلسطينية والأقاليم السياسية الخارجية مطالبة بالتنسيق مع القوى والأحزاب السياسية في دولها تنظيم كافة أشكال الفعاليات الداعمة لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير.
أما قادة الدول العربية والإسلامية والإفريقية والصديقة من الأوروبية وغيرها مطالبين بالإستجابة لدعوة رئيس دولة فلسطين المحتلة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بالمشاركة والترتيب لزيارة غزة في تظاهرة دولية تؤكد على وجوب إنهاء فوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا الذي طال أمده وما أدى إضافة إلى حرمان الشعب الفلسطيني من الحرية وحقه بالعيش الآمن في وطنه وتحت راية دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها