على الرغم من تأثير النفوذ الأميركي على الساحة العالمية إلا أن مبالغة الكثير من الدول وخاصة العربية منها على نتائج الانتخابات الأميركية ومن سيسكن البيت الأبيض والأقرب من الحزبين إلى هذا النظام أو ذاك متجاهلين أن السياسية الأميركية مضبوطة بالمصالح الأميركية دون أي اعتبار آخر ولنا بالتاريخ الحديث نماذج على الإطاحة بأقرب النظم إليها عندما تقتضي المصلحة ذلك وهذا يقتضي من قادة جميع الدول عدم الرهان على السياسة الأميركية سواء بدعم أنظمتهم أو وحدة أقطارهم واستقرارها وخاصة الدول العربية والإسلامية والاعتماد فقط على قوة ووحدة جبهتهم الداخلية بما تتطلبه من إجراء إصلاحات جوهرية قوامها المواطنة والعدالة والمساواة.

* القضية الفلسطينية والإنتخابات الأميركية:

لم يلمس الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي أي تغيير جوهري للحزبين الديمقراطي والجمهوري فيما يتعلق بالسياسة الأميركية إتجاه دعم إدامة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي الاحتلالي لفلسطين وإنكار حق الشعب الفلسطيني الأساس المكفول بميثاق الأمم المتحدة والشرعة الدولية وبالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير بل على النقيض من ذلك إتسمت السياسة الأميركية ودولتها العميقة بالإنقلاب على قيمها المزعومة بالعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وتجسيد قوة المثال وتقرير المصير للشعوب وتصفية الإستعمار إنما وجد وإحترام ميثاق الأمم المتحدة عملاً لا قولاً ومع إستمرار مواقفها بالإنحياز المطلق للكيان الاستعماري الاحتلالي الإسرائيلي المصطنع بالرغم من جرائمه المعاقب عليها دوليًا ودعمها اللامحدود للكيان الإسرائيلي المارق والمتحدي لإرادة المجتمع الدولي عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا ودوليًا في حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على مدار الشهور التسع وفي عموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا على مدار سنوات وتمكين "إسرائيل" الإفلات من المساءلة والعقاب سواء عبر إستخدام الفيتو أو عبر ممارسة النفوذ السياسي والإقتصادي إلا الدليل على ذلك.

* أهداف الإنحياز الأميركي:

بالتأكيد للولايات المتحدة الأميركية ومحورها بدعم والإنحياز للكيان الإسرائيلي المارق أهداف عديدة منها:

أولاً: إن للكيان الإسرائيلي المصطنع مهمات وواجبات وظيفية يؤديها نيابة ووكيلاً عن أميركا ومحورها الغربي.

ثانيًا: ضمان تفوق الكيان الإسرائيلي عسكريًا واقتصاديًا على مجموع قوة الدول العربية ليشكل القوة الضاربة لتهديد أي دولة تفكر بالإنفكاك عن المظلة الأميركية.

ثالثًا: ضمان استمرار ضعف الأقطار العربية والحيلولة دون وحدتها بعد نجاح القوى الاستعمارية بتقسيمها إثر الحرب العالمية الأولى وذلك لضمان الهيمنة على مقدرات وثروات الوطن العربي الكبير.

على ضوء ما تقدم نخلص إلى أن السياسة الأميركية الإستراتيجية الثابتة بمنطقة الشرق الأوسط تعتمد على الكيان الإسرائيلي للقيام بدور الوكيل نيابة عنها بشكل خاص وهذا ما يدلل عليه الضغوطات الأميركية سابقًا وحاليًا ومستقبلاً لإدماج "إسرائيل" في قلب الوطن العربي دون إنهاء إحتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا وعلى دول إقليمية بشكل عام لضمان سيطرتها ونفوذها في الوطن العربي مع قرب ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب وتهميش أي دور للدول العربية والحفاظ عليها كمخزن كبير وسوق مفتوح.

لذا واقع الحال يتطلب من القادة العرب التصدي للمخطط الأميركي عبر نبذ الخلافات وتجميدها وصولاً لإنهاءها والإتفاق على إستراتيجية تتواءم وطبيعة المرحلة القادمة التي لا مكان للضعيف بها والقادرة على الإنتقال بالوضع العربي الرسمي من مربع المتفرج والمنتظر لنتائج ما يرسم له إلى مربع الفاعل القادر على الدفاع عن مصالحه القومية وفرض نفسه لاعبًا رئيسًا على الساحة العالمية وستبقى حرية فلسطين ودعم صمود شعبها في وطنه ونضاله بكل الوسائل المكفولة دوليا حتى إنجاز إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العنوان والبوصلة وبذلك تكون قد شيدت الجدار العصي على الهدم أمام التوسع الإستعماري بأداته الكيان الإستعماري الإسرائيلي المصطنع...
آن الوقت للتعامل مع اقطاب العالم بلغة المصالح عندئذ سنجد أن الدولة العميقة بالولايات المتحدة الأميركية ستغير إستراتيجية تعاملها مع وطننا العربي الكبير بأقطاره من تلك القائمة على الإستفراد والهيمنة إلى موقع الندية، هذا فقط يتطلب إرادة سياسية عليا إنطلاقًا من الإيمان بقدرتنا بما نملكه من عناصر قوة إستراتيجية على فرض نفسنا كقطب عالمي مستقل، فمن يعلق الجرس ويبادر إلى قرعه؟

فالبوصلة إتجاهها بناء قوانا الذاتية ورسم المشروع القومي العربي دون الرهان على ألإنتخابات الأميركية أو غيرها من الاعتماد والتوكل على الغير؟