هل ستظهر الادارة الأميركية على حقيقتها، وترفع الكرت الأحمر "الفيتو" بوجه الدول التي جسدت استقلالية قرارها واعترفت بدولة فلسطين؟ وهل ستشدد "اللوبيات الصهيونية" ضغوطها على دول أوروبية عديدة اعلنت نيتها الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، والسيادة على أرضه، فحكومة منظومة الاحتلال الصهيوني العنصرية "إسرائيل" استدعت سفراء إسبانيا والنرويج وإيرلندا وأبرزت لها "العين الحمراء" كأول إجراء، رغم الوزن الثقيل لهذه الدول في أوروبا، وما علينا إلا متابعة ما سيحدث في هذه البلاد بالتحديد خلال الفترة القادمة، فاصطناع المشاكل الداخلية، وافتعال أحداث لأخذها كذرائع، حرفة صهيونية بامتياز، ستظهر آثارها سريعًا.

بعد اعتراف دول –منها اعضاء في الحلف الأطلسي الناتو- بدولة فلسطين، وحق شعبها بالاستقلال، ظهر جليًا انكفاء الهيمنة الأميركية الصهيونية على استقلالية قرار دول، تمتلك مقومات الاستقلال والسيادة، وتقدير مصالح شعوبها، وتقديم الاعتبارات الأخلاقية في السياسة، على المصالح المادية، التي ارادتها الولايات المتحدة الأميركية منهجا للسياسة والعلاقات بين الدول، فالروابط الانسانية العميقة بين الشعوب الحضارية، يعجز ذوو النزعات الاستعمارية والعنصرية عن رؤيتها، حتى انهم يرفضون تلمسها، أو الاحساس أو الشعور بدفئها، ذلك أنهم -رغم دعاياتهم المبرمجة عن الحريات وحقوق الانسان والديمقراطية– يسقطون عند اول امتحان. بعد هذا الاعتراف وما سبقه من فيتو أميركي في مجلس الأمن على حق دولة فلسطين بعضوية كاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم اقرار 143 دولة بهذا الحق وتأييده، وبعد الحماية المطلقة لإسرائيل السابقة لأي قرارات من المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة المنظومة نتنياهو ووزير الحرب غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، باتت الولايات المتحدة الأميركية وحدها مع منظومة الصهيونية الدينية المصنفة كدولة فصل عنصري وفق القانون الدولي، والمنظمات المنبثقة عن هيئات الشرعية الدولية، في خندق الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والتمييز العنصري، وقهر الشعوب، وسرقة ثروات أوطانها الطبيعية، خندق مغتصبي حقوق الإنسان، المتعاملين بازدواجية مع المعاني الأصلية للحرية والعدالة والسلام في العالم.

 بعد كل إنجاز في ميدان السياسة والدبلوماسية ومحافل القانون الدولي، يتعزز الإيمان أن رؤية رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الفلسطينية أبو مازن، وتبنيه المنهج النضالي المنسجم مع مبدأ الاستقرار والأمن والسلام المنشود للدول والشعوب المتحضرة، قد اتت بثمارها الطيبة، وأيقظت ضمائر صناع القرار، عبر برنامج عمل صعب ومعقد لكشف وتعرية سياسة "دولة الاحتلال" إسرائيل، التي اتخذت الاحتلال والاستيطان والمجازر، وجرائم جيشها والمستوطنين، وحملة الإبادة على الشعب الفلسطيني بذروتها الدموية في قطاع غزة، وسائل إجرامية لإرهاب وإخضاع الشعب الفلسطيني، ودفعه للهجرة قسرا من أرض وطنه التاريخي والطبيعي، فهذا المنهج السياسي الفلسطيني العقلاني، بما فيه من حكمة وشجاعة وارتباط وثيق بثوابت الشعب الفلسطيني، والبناء على انجازات النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني قد نجح، ليس بوضع المنظومة الاستعمارية الصهيونية في قفص الاتهام أمام العدالة الدولية المتمثلة بمؤسساتها الأممية، ومؤسسات الدول الحضارية وحسب، بل بإصدار احكام قانونية غير مسبوقة، قضت بأن سياسة ارهاب الدولة التي تطبقها "إسرائيل" هي الخطر الأول والأخير على استقرار وأمن ونمو الشرق الأوسط، ودول البحر الأبيض المتوسط، وأنه قد آن الأوان للانتصار للسلام، بمساندة الشعب الفلسطيني لانتزاع حريته وحقوقه المشروعة، وبذلك ينتصر العالم للرواية الفلسطينية، ولوجود الشعب الفلسطيني التاريخي الحضاري، وحقه في قيام دولته المستقلة ذات السيادة.