ما فتئت الولايات المتحدة الأميركية في استباحة الشرعية الدولية ومنظماتها وهيئاتها المختلفة وخاصة مجلس الامن الدولي على مدار تاريخ نشوء وتأسيس هيئة الأمم المتحدة في العام 1945، وفي زمن حرب الإبادة الصهيو أميركية على مدار 137 يومًا الماضية استخدمت إدارة بايدن المتصهينة حق النقض الفيتو للمرة الرابعة، وحالت حتى اللحظة الراهنة دون إقرار وقف الحرب فورا على الشعب الفلسطيني، التي سقط فيها ما يقارب ال30 ألف شهيد و70 الف جريح وحوالي 10 آلاف من المفقودين، وتدمير ما يزيد عن 75% من الوحدات السكنية، واخرجت قرابة ال80% من المستشفيات عن الخدمة، وتدمير جزئي وكامل لمئات المدارس وأماكن العبادة المسيحية والاسلامية وأماكن إيواء النازحين من أبناء الشعب العربي الفلسطيني في محافظات قطاع غزة، الذين بلغ عددهم 1,9 مليون انسان، وفرضت مع إسرائيل اللقيطة الحصار الشامل والتجويع ونشر الأوبئة والأمراض المعدية والموت البطيء والسريع عبر عمليات القصف البري والبحري والجوي من الطائرات والدبابات والمدافع والبوارج البحرية وغيرها، وتعمل على فرض التهجير القسري عليهم للأراضي المصرية كهدف معلن.  


وباستخدام إدارة بايدن أمس الثلاثاء 20 فبراير الحالي حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن، وامتناع بريطانيا عن التصويت، مقابل تصويت الغالبية من أعضاء المجلس ال15 لصالح مشروع القرار، تكشف عن صلفها وتوحشها وادامتها لحرب الإبادة، التي تقود دفتها، وتعمل على حماية دولة التطهير العرقي الإسرائيلية من الملاحقة الدولية، وتمنحها الضوء الأخضر لمواصلة قتل وتهجير المواطنين الفلسطينيين. مع أن مشروع القرار الجزائري جاء في اعقاب تدابير وأحكام محكمة العدل الدولية الصادرة في 26 يناير الماضي، وبالتالي كان لزامًا على المندوبة الأميركية دعم تلك التدابير. لأنها من أعلى محكمة قضائية دولية، وهي ملزمة لكل الدول. 


لكن إدارة بايدن لا تأبه لا بمحكمة العدل الدولية ولا بقرارات الشرعية الدولية، ولا بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ولا بالأمم المتحدة بكل مكوناتها ومنظماتها، وبتعبير آخر، هي تعلن الحرب على الشرعية الدولية، وعلى الدول الأعضاء في الجمعية العامة ومجلس الأمن، وعلى الأغلبية العظمى من الرأي العام العالمي، الأمر الذي يتطلب من الدول العظمى وكل الدول المؤيد لوقف حرب الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، والداعمة للسلام والتعايش والسلم العالمي والتعايش بين الشعوب العمل على الآتي: أولاً تجميد عضوية الولايات المتحدة في هيئة الأمم المتحدة؛ ثانيًا إعادة النظر في اليات عمل الهيئات الدولية وخاصة تقليص صلاحيات الدول دائمة العضوية، ووضع سقف محدد لاستخدام أي منها حق النقض الفيتو في أي قضية تخص شعب او دولة من الدول؛ ثالثًا إعادة نظر في تركيبة مجلس الامن إما لتوسيعه واما لتغيير الاليات المتبعة فيه لإزالة سطوة الدول الخمس عن دول العالم المختلفة؛ رابعًا العمل على نقل مقر الأمم المتحدة من نيويورك الأميركية إلى أي دولة محايدة أخرى؛ خامسًا رفع قضايا ضد الإدارة الأميركية في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنائية الدولية لوقف بلطجتها وتوغلها على الشرعية الدولية. 


على العالم أجمع وخاصة الأقطاب الدولية المنافسة كالصين وروسيا الاتحادية والهند واليابان وحتى دول الاتحاد الأوروبي المؤيدة لوقف حرب الإبادة، التي تسعى لبناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، على سحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة وتفردها بالقرار الأممي لوقف حرب الأرض المحروقة في فلسطين، والتصدي لانتهاك الولايات المتحدة لمكانة ودور الشرعية الدولية في حماية الأمن والسلم العالميين، وكف يدها عن انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وحماية الشعوب المستضعفة، والزام واشنطن بقوانين وقرارات الهيئات الدولية، وأيضًا رفع الحصانة عن دولة إسرائيل اللقيطة، وجرها من قرونها إلى المساءلة والمحاكمة على حرب الإبادة الجماعية والقتل المعلن للشعب العربي الفلسطيني، وتأمين استقلال وسيادة دولة فلسطين على أرضها وشعبها وثرواتها ومقدراتها، وتقديم كل وسائل الدعم لتمكين الحكومة الفلسطينية من التنمية المستدامة بعيدًا عن سيف وسطوة دولة إسرائيل النازية. 


عار جديد يغطي رأس إدارة بايدة باستخدامها حق النقض الفيتو للمرة الرابعة ضد مشروع القرار الجزائري، ويحملها المسؤولية التاريخية عما يجري على الأرض الفلسطينية من مذابح ومجازر وحرب إبادة جماعية ضد الأبرياء العزل من الأطفال والنساء والشيوخ وعمليات التدمير المنهجية لقتل كل معلم من معالم الحياة الأدمية في فلسطين عمومًا وقطاع غزة خصوصًا. إن الكرة الآن في ملعب الأقطاب الدولية والأشقاء العرب، الذين يفترض أن يستخدموا ما لديهم من أوراق القوة وتأكيد الذات العربية دون عنتريات، ولكن دون استهتار بما لديهم من أوراق فاعلة ومؤثرة في وقف حرب الإبادة على اشقائهم الفلسطينيين. لأن من يموت هم الأبرياء من المواطنين، وليس أحد غيرهم. فهل يفعلون؟