السفير في الولايات المتحدة في 2006 - 2009
(المضمون: ليس في وسع الاقلية صد هذه الموجة، والاغلبية، بشكل عام، لا تشعر بخطر الا عندما تجد نفسها تتحول الى أقلية. وعليه، هنا الاختبار الاكبر للزعيم. هذا هو اختبار نتنياهو. في أمور كهذه رئيس الوزراء هو "السوبر تنكر" الوحيد)
في أثناء خدمتي كسفير لاسرائيل في الولايات المتحدة، استعنت مرات عديدة بالديمقراطية الاسرائيلية، بحرية الحديث والمساواة بين الجنسين عندنا، لرفع مكانة اسرائيل. اعضاء الكونغرس الذين فتحوا أمامي ابوابهم وقلوبهم، فعلوا ذلك، لايمانهم من كل قلوبهم بانه يقف امامهم ممثل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. ناخبوهم، الامريكيون الذين يتعرضون اليوم للبطالة المستشرية والازمة الاقتصادية الوطنية والخاصة، يواصلون تأييد وقوف أمريكا، وأحيانا وحدها حيال كل العالم، الى جانب اسرائيل. وهم يدفعون من جيوبهم 20 في المائة من ميزانيتنا الامنية، لاحساسهم باننا نتقاسم معهم ذات القيم ونقف معهم حيال ذات الاعداء.
ومع أن وزيرة الخارجية الامريكية اخطأت بالمقايسة التي عقدتها بالنسبة لاسرائيل، محظور تجاهل الخطر الذي تعكسه تصريحاتها عن الديمقراطية الاسرائيلية.
استطلاعات عديدة تشير الى أن الاحساس بالقيم المشتركة يشكل مصدرا مركزيا للتأييد الهائل الذي تحظى به اسرائيل في الولايات المتحدة. فالامريكيون يؤمنون بالحرية وبالمساواة في الحقوق وواثقون باننا مثلهم نؤمن بها أيضا. هذا الاحساس الايجابي من شأنه ان يتعرض الان للخطر. اسرائيل، التي يحاولون في مجلسها النيابي المس بروح الديمقراطية وحرية التعبير، وفي حكومتها تعمل عناصر تشعل إوار الكراهية ضد الاقليات وفي جيشها تظهر ظواهر استبعاد النساء، كفيلة بان تضعف على مدى الزمن التأييد لها في أوساط أكبر وأقوى اصدقائها بين دول العالم.
كل من تعلم تاريخ شعبنا، وعلى رأس ذلك الخراب والنهضة، ويحب ضمان مستقبلنا الوطني في محيطنا الصعب، يجمل به الا يستخف بتصريحات وزيرة الخارجية الامريكية على المدى البعيد. قالشرعية الدولة والسند الاستراتيجي من قوة عظمى مركزية كانا في الماضي وسيكونان في المستقبل ايضا عنصرا حيويا في حصانة شعبنا الوطنية.
ولكن، ليس بسبب كلينتون علينا أن نكون قلقين، بل أكثر من ذلك – من اجل دولتنا وأبنائنا. ففي أي اسرائيل نريد أن نعيش؟ هل نريد ان يكون قضاتنا خاضعين لرحمة السياسيين ، من اليمين ومن اليسار، ويقرروا مصائرنا تحت تهديداتهم؟ هل نريد نحن مجتمعا فيه الاغلبية، اليوم نحن وغدا هم، تسحق الاقلية؟ هل نرغب نحن في أن نقيم أسيجة بين ابنائنا وبناتنا وأن نرى نساءنا يدحرن من الرحاب العام؟ هل نريد نحن سياسة تحرضنا الواحد ضد جاره؟
موجة عكرة تهدد اسرائيل. قومية متطرفة تحاول ان تدحر الى الهوامش القومية الليبرالية من مدرسة هرتسل، جابوتنسكي وبيغن. هذه الموجة خطيرة على نحو خاص وذلك لان محدثيها ليسوا أبطالا يمسكون نوازعهم بل سياسيين عديمي الجماح يشعلون نار المشاعر الدفينة للخوف والكراهية.
ليس في وسع الاقلية صد هذه الموجة، والاغلبية، بشكل عام، لا تشعر بخطر الا عندما تجد نفسها تتحول الى أقلية. وعليه، هنا الاختبار الاكبر للزعيم. هذا هو اختبار نتنياهو. في أمور كهذه رئيس الوزراء هو "السوبر تنكر" الوحيد. اذا لم يطفىء فورا النار الغريبة الناشئة عن معسكره، فليس فقط مكانة اسرائيل الدولة ستتضرر. النار ستشتعل في أرجاء المجتمع، تهدد بتصعيد اللهيب، لتحرق روح الصهيونية. يا بيبي أطفىء النار.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها