منذ انطلاقتها يوم الفاتح يناير في العام ١٩٦٥ وهي تتعرض للمؤامرات من كل حدب وصوب لكنها الفكرة السامية التي كنهها الكرامة والكبرياء الفلسطيني، إنها الاسم الثاني لفلسطين وصخرة الصوان التي تحطمت عليها كل مشاريع الغدر والخيانة والارتزاق، إنها "فتح" العظيمة برسالتها وأهلها. 

إن المتابع لتاريخ حركة "فتح" سيصل لقناعة أنها على مدار الخمسة عقود الماضية كانت ولا زالت حركة الجماهير الفلسطينية ونبضهم الوطني وعنفوانهم الثوري وهي العاصفة قولاً وفعلاً وهي التي تؤرق الإسرائيليين فهي صاحبة فكرة الدولة وهي من كرست الهوية الوطنية الفلسطينية الساطعة في وجدان الضمير العالمي وهي التي أجبرت العالم كله على الاعتراف بحقيقة وجود الشعب الفلسطيني عندما اعترف العالم على منصة الأمم المتحدة بالثورة الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني لها الحق بالنضال من أجل تحرير فلسطين، وهي التي كرست في كل دولة من دول العالم سفارة لفلسطين وهي التي بنت المدارس والجامعات في فلسطين وهي التي شيدت المستشفيات في كل محافظات الوطن والشتات وهي التي ترعى بيوت أكثر من مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس وأماكن اللجوء من خلال رواتب الموظفين والعسكريين فهي تقود السلطة الوطنية وهي رأس منظمة التحرير وقلبها النابض وهي من اسست المؤسسات والنقابات والاندية والوزارات التي يشهد لأدائها وعطائها القاسي والداني وهي التي كانت أم الجميع ففتحت قلبها لكل أبناء شعبنا وهي مظلة الشهداء والأسرى فهي مؤسستهم التاريخية وبلسم المرضى من خلال الهلال الأحمر الفلسطيني الذي يعمل في كل أماكن التواجد الفلسطيني. وهي الهوية الواضحة والصريحة لغالبية أسرانا وهي دماء الآلاف من شهداءنا في ساحات الوغى  ومجرم من ينكر على "فتح" الثورة كل هذا. 

نعم، "فتح" بكل معانيها كانت رسالة الوحدة الوطنية واحتضان كل الذين يعملون لأجل فلسطين على شكل فصائل صغيرة أو كبيرة وهي الحاضنة الحقيقية لكل من ينتمي لفلسطين وقرارها المستقل وهي التي أدت إلى استعصاء أسمى قضية على كل محاولات التذويب والتصفية وهي التي تكظم غيظها وهي التي تقابل السيئة بالحسنى وهي التي تتعالى على جراحها لعيون القدس وهي التي تسامح وتعفي عن خذلها وآذاها وهي التي حرمت الدم الفلسطيني على نفسها  وهي القلب الكبير الذي يتسع للجميع، وهي صمام الأمان لمشروعنا فأعدائها وخصومها ذاتهم يقرون بأنه كلما كانت "فتح" قوية كلما كانت فلسطين بكل معانيها قوية، إنها إكسير حياة هذا الشعب المعذب وبصيرة الأوفياء للقدس بكل معانيها المقدسة وهي نور الشمس وخير الأرض وعبق البرتقال ويبوسية الحجر والرخام وزهر اللوز وعقال الختيار وثوب فلسطيني مطرز بشراييين الشهداء، إنها ثقة الجماهير بقدرتهم على النصر والصمود وهي شخصية الفلسطيني المتحدي وهي إيمان المقدسي بأن الركوع لا يكون إلا لله، انها القيم والأخلاق الرفيعة وحب الوطن واحتضان السماء وهي لون البحر وجذور الزيتون.

إنها "فتح" العظيمة التي يحتار بها قلم الأديب وخيال الرسام إنها كل الوطن ورائحة البارود والحلم ودهقنة القادة وتاريخ وحاضر ومستقبل عظيم، إنها المارد الذي يكبر معه كل من انتمى إليها، وهي عناد الفدائي واصرار المفاوض وحنكة آخر العمالقة أبو مازن الفكرة التي لا تنتهي ولا تزول، إنها ذلك التحام الصوان والسنديان من أجل نشر النور ونار ثورة الأحرار، إنها كل معاني الحياة وغيرها لا تعريف لهم في قواميس الرجال بل إن غيرها هم المسوخ والأقزام.