لا أضيف جديدًا للقارىء بالتأكيد على أهمية سلاح الاعلام المقروء والمسموع والمرئي والرقمي في نشر الحقيقة، باعتباره سلاحًا يضاهي في أهميته ومركزيته كل الأسلحة الأخرى في الدفاع عن الشعب والمشروع الوطني والقضية الوطنية، وفي الوقت ذاته في فضح وتعرية همجية ووحشية العدو الصهيو أميركي وكل من لف لفهم. وقف حراس الكلمة الصادقة، والمهنية والموضوعية والرجولة والشجاعة بصلابة وإرادة فولاذية في نقل الخبر من أرض المعركة، ونقل معاناة أبناء الشعب في أرجاء الوطن من القدس العاصمة إلى محافظات الشمال وقطاع غزة كافة.       
جنود الاعلام الفلسطيني المعلومين، الساهرون على مدار الساعة في المواقع المتقدمة بثبات وبسالة منقطعة النظير، غير آبهين بقنابل وصواريخ ورصاص الطائرات والدبابات والزوارق البحرية المعادية، يتقدمون الصفوف بخطى راسخة وقلوب ملآها الإيمان بعدالة قضيتهم واهداف الشعب الوطنية العظيمة، يجترحون الصعاب والتحديات وغطرسة العدو الصهيو أميركي وحرب إبادته الغير مسبوقة بإرادة وشكيمة لا تلين، يحملون كاميراتهم وجوالاتهم وأقلامهم لبث الصورة والتراجيديا السوداء التي تجري على أرض الوطن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لينقلوا الواقع المأساوي والسريالي للعالم اجمع، ويوثقون بعدساتهم التي لا ترمش عظائم حرب الأرض المحروقة. 


هؤلاء الأبطال من النساء والرجال يقفون في الخندق الأمامي جنبًا إلى جنب مع أبناء الشعب ليحاكوا مجازر ومذابح حرب الإبادة الإسرائيلية وسادتهم في الولايات المتحدة والغرب الأوروبي، وقدموا ببطولاتهم وعطائهم أروع معاني البسالة والشجاعة، وقدم العشرات منهم أرواحهم فداءً للحقيقة. 

قرابة السبعون شهيدًا سقطوا في الدفاع عن الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، ومازال الإعلاميون من مختلف المنابر راسخون في مواقعهم المتقدمة في جبهات الحرب المجنونة. رغم إدراكهم أنهم في كل لحظة ممكن أن يكونوا وعائلاتهم مشاريع شهادة، إلا أنهم لم يتوانوا عن نشر وبث الحقيقة والمعلومة الصادقة وبمهنية عالية ليحركوا الضمائر الساكنة والصامته في أرجاء الأرض، ولتحفيز الرأي العام العربي والعالمي ليوسعوا ويعمقوا من تضامنهم الإيجابي مع الشعب العربي الفلسطيني المنكوب بالاستعمار الصهيوني الوحشي والبربري. 


سبعون شهيدًا من كتيبة الاعلام المتقدمة قدموا أرواحهم فداءً للحقيقة والكلمة الصادقة. رغم معرفتهم المسبقة بأن العدو الهمجي الصهيو أميركي لا يأبه بالقانون الدولي، ولا بالمواثيق والأعراف الأممية ذات الصلة بحماية الصحفيين، ليس هذا فحسب، بل إنهم (الأعداء) عن سابق تصميم وإصرار يوجهون قنابلهم وصواريخهم ورصاصهم الغادر إلى صدور الإعلاميين وعائلاتهم ليثنوهم عن نقل الحقيقة، لكن ابطال الاعلام لم يتراجعوا قيد انملة عن مواصلة كفاحهم لتغطية واقع ومعاناة الشعب العظيم، الذي دفع حتى الان ستة عشر ألفًا من الشهداء وما يزيد عن أربعين الفًا من الجرحى، فضلاً عن التدمير الهائل للوحدات السكنية التي زادت عن 250 ألف وحدة سكنية بين تدمير كامل وجزئي، واستباحة المستشفيات والمدارس التي تأوي النازحين من بيوتهم وأماكن العبادة من المساجد والكنائس والبني التحتية في مدن ومخيمات وقرى القطاع والضفة والقدس العاصمة الأبدية. 


ومازالت حرب الإبادة المستعرة بجنون ووحشية أعداء الإنسانية والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان وحقوق الصحفيين المكفولة دوليًا، والتي نصت عليها المواثيق والمعاهدات ولوائح وأنظمة اتحادات ونقابات الصحفيين الأممية تقبض أرواح الأبرياء من المدنيين والصحفيين في المقدمة، ومع هذا يواصل رواد الحقيقة والمهنية التخندق في الجبهات الأمامية كافة في محافظات القطاع والشمال وفي مقدمتها القدس العاصمة. 


الرحمة على أرواح أبطال الاعلام والحقيقة، وتحية لكل إعلامية واعلامي سهر الليالي في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والرقمية، وتابع نشر الواقع التراجيدي المأساوي الذي يعيشه شعبنا العظيم، وإماط اللثام عن وجه الفاشية الصهيو أميركية والأوروبية الغربية، وشكرًا لكل إعلامي فلسطيني وعربي وأممي نقل الحقيقة ودافع عن عدالة القضية الفلسطينية وعن حق الشعب الفلسطيني في استقلال دولته الوطنية المستقلة وحقه في تقرير المصير والعودة. 


حصرت النقاش هنا لإبراز دور الاعلام الفلسطيني بمختلف مشاربه وفي مقدمتهم هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية والمنابر الوطنية كافة لاعطائهم بعض حقهم الواجب علينا جميعًا.